لوصيه علي بن أبي طالب المقتول كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت الله فيه معشر مسلمة بألسنتهم تعسا لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيما في حياته وبعد وفاته حتى قبضته إليك محمود النقيبة طيب العريكة معروف المناقب مشهور المذاهب، لم تأخذه فيك لومة لائم زاهدا في الدنيا مجاهدا في سبيلك فهديته إلى صراطك المستقيم.
أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء فانا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه، أكرمنا بكرامته، وفضلنا بمحمد نبيه صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضيلا فكذبتمونا ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنا نهبا كأنا أولاد ترك أو كابل فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا فكأن العذاب قد حل بكم وأتت نقمات ألا لعنة الله على الظالمين، تبا لكم يا أهل الكوفة أي ترات لرسول الله صلى الله عليه قبلكم ودخول له لديكم بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي وبنيه وعترته وافتخر بذلك مفتخركم فقال:
نحن قتلنا عليا وبني علي * بسيوف هندية ورماح وسبينا نساءهم سبي ترك * ونطحناهم فأي نطاح بفيك الكثكث والأثلب، افتخرت بقتل قوم زكاهم الله في كتابه وطهرهم وأذهب عنهم الرجس؟ فأقع كما أقعى أبوك وإنما لكل امرئ ما اكتسب أحسدتمونا على ما فضلنا الله تعالى به. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. فضج الموضع بالبكاء والحنين وقالوا: حسبك يا ابنة الطيبين فقد أحرقت قلوبنا وأضرمت أجوافنا فسكتت.
خطبة أم كلثوم:
وقال وخطبت أم كلثوم بنت علي (ع) وقد غلب عليها البكاء فقالت: يا أهل الكوفة سوءة لكم مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم وأي دماء سفكتموها! وأي كريمة أصبتموها! وأي أموال انتهبتموها! قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله!