وعظيم المصائب. أيها القوم ان الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله وعترته وسبي نساؤه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان، أيها الناس فأي رجالات يسرون بعد قتله؟ أية عين تحبس دمعها وتضن عن انهمالها، فلقد بكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار والسماوات والأرض والأشجار والحيتان والملائكة المقربون وأهل السماوات أجمعون. أيها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أي فؤاد لا يحن إليه أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلم في الاسلام.
أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين كأنا أولاد ترك أو كابل من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ان هذا الا اختلاق والله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوه فانا لله وانا إليه راجعون. فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمينا فاعتذر إليه فقبل عذره وشكر له وترحم على أبيه 1.
بعد وصولهم إلى المدينة:
روى الطبري بسنده عن الحارث بن كعب، قال: قالت لي فاطمة بنت على:
قلت لأختي زينب: يا أخي لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا فهل لك أن نصله؟ فقالت: والله ما معنا شئ نصله به الا حلينا قالت لها: فنعطيه حلينا قالت: فأخذت سواري ودملجي وأخذت أختي سوارها ودملجها فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه وقلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك إيانا بالحسن من الفعل قال: لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني ودونه ولكن والله ما فعلته الا لله ولقربتكم من رسول الله (ص) 2.
السجاد (ع) يقيم العزاء أربعين سنة:
في اللهوف: روى عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: إن زين العابدين (ع) بكى على أبيه أربعين سنة صائما نهاره، وقائما ليله، فإذا حضر الافطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله (ص)