قال: فلما رأى أصحاب الحسين انهم قد كثروا وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا ولا أنفسهم تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
الغفاريان:
فجاءه عبد الله و عبد الرحمن ابنا عزرة الغفاريان فقالا: يا أبا عبد الله عليك السلام حازنا العدو إليك فاحببنا أن نقتل بين يديك، نمنعك وندفع عنك، قال: مرحبا بكما ادنوا منى فدنوا منه فجعلا يقاتلان قريبا منه، أحدهما يقول.
قد علمت حقا بنو غفار * وخندف بعد بنى نزار لنضر بن معشر الفجار * بكل عضب صارم بتار يا قوم ذودوا عن بني الأحرار * بالمشرفي والقنا الخطار الجابريان وحنظلة:
قال: وجاء الفتيان الجابريان سيف بن الحارث بن سريع، ومالك بن عبد بن سريع، وهما ابنا عم وأخوان لام فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان، فقال: أي ابني أخي ما يبكيكما فوالله اني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين، قالا: جعلنا الله فداك، لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكنا نبكي عليك، نراك قد أحيط بك، ولا نقدر على أن نمنعك، فقال: جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.
قال: وجاء حنظلة بن أسعد الشامي فقام بين يدي الحسين فأخذ ينادي يا قوم اني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد، ويا قوم أني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى، فقال له حسين: يا ابن أسعد رحمك الله أنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين، قال: صدقت جعلت فداك، أنت أفقه مني وأحق بذلك أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق باخواننا، فقال: رح إلى خير من الدنيا وما فيها، والى ملك لا يبلى، فقال: السلام عليك يا أبا