ان أهل العراق غدر وفجر الا قليلا وان أهل الكوفة شرار أهل العراق وإنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا إليه فقالوا له اما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد ابن سمية سلما فيمضى فيك حكمه واما أن تحارب، فرأى والله أنه هو وأصحابه قليل في كثير وإن كان الله عز وجل لم يطلع على الغيب أحدا انه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم الله حسينا وأخزى قاتل حسين، لعمري لقد كان من خلافهم إياه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه عنهم ولكنه ما حم نازل وإذا أراد الله أمرا لن يدفع أفبعد الحسين نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا لا، ولا نراهم لذلك أهلا، أما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه، كثيرا في النهار صيامه، أحق بما هم فيه منهم، وأولى به في الدين والفضل، أما والله ما كان يبدل في القرآن الغناء ولا البكاء من خشية الله الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام. ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب الصيد - يعرض بيزيد - فسوف يلقون غيا، فثار إليه أصحابه، فقالوا له: أيها الرجل أظهر بيعتك فإنه لم يبق أحد إذ هلك حسين ينازعك هذا الامر، وقد كان يبايع الناس سرا ويظهر أنه عائذ بالبيت، فقال لهم: لا تعجلوا وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة وقد كان أشد شئ عليه وعلى أصحابه، وكان مع شدته عليهم يداري ويرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطى الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد على مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خبر ما قدم له وبالسلسلة التي معه فقال مروان:
خذها فليست للعزيز بخطة * وفيها مقال لامرئ متضعف ثم مضى من عنده حتى قدم على ابن الزبير فأتى ابن الزبير فأخبره بممر البريد على مروان وتمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير: لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رفيقا وعلا أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة وقال الناس أما إذ هلك الحسين (ع) فليس أحد ينازع ابن الزبير.
رسل يزيد مع ابن الزبير:
روى خبر رسل يزيد مع ابن الزبير ابن أعثم والدينوري وغيرهما واللفظ لابن