أبياتنا فإذا هو لا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا فنادى بأعلى صوته: يا حسين! استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة؟!
فقال الحسين: من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن! فقالوا: نعم أصلحك الله هو هو، فقال: يا ابن راعية المعزى! أنت أولى بها صليا.
فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول الله! جعلت فداك. ألا ارميه بسهم، فإنه قد أمكنني وليس يسقط سهم، فالفاسق من أعظم الجبارين. فقال له الحسين:
لا ترمه فانى أكره ان أبدأهم، وكان مع الحسين فرس له يدعى لاحقا حمل عليه ابنه علي بن الحسين.
خطبة الحسين الأولى:
قال: فلما دنا منه القوم دعا براحلته، فركبها، ثم نادى بأعلى صوته بصوت عال دعاء يسمع جل الناس: أيها الناس! اسمعوا قولي، ولا تعجلوني حتى أعظكم بما الحق لكم علي، وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم على سبيل، وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم، فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلى ولا تنظرون، ان وليي الله الذي نزل الكتاب، وهو يتولى الصالحين 1.
قال: فلما سمع أخواته كلامه هذا، صحن وبكين وبكت بناته، فارتفعت أصواتهن، فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي، وعليا ابنه، وقال لهما أسكتاهن فعمري ليكثرن بكاؤهن فلما سكتن، حمد الله وأثنى عليه وذكر الله بما هو أهله وصلى على محمد صلى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله اعلم، وما لا يحصى ذكره، قال:
فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه، ثم قال: اما بعد فانسبوني فانظروا من انا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم (ص): وابن وصيه؟ وابن عمه؟ وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ أوليس حمزة سيد الشهداء عم