الحجاج يرمي الكعبة ثانية:
قال ابن الأثير وغيره: ارسل عبد الملك بن مروان الحجاج لحرب ابن الزبير بمكة فنزل الطائف وأمده بطارق فقدم المدينة في ذي القعدة سنة 72 ه وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجلا من أهل الشام اسمه ثعلبة، فكان ثعلبة يخرج المخ على منبر النبي (ص) يأكله ويأكل عليه التمر ليغيظ أهل المدينة 1.
وقال الدينوري: فقال الحجاج لأصحابه: تجهزوا للحج وكان ذلك في أيام الموسم ثم سار من الطائف حتى دخل مكة ونصب المنجنيق على أبي قبيس فقال الأقيشر الأسدي:
لم أر جيشا غر بالحج مثلنا * ولم أر جيشا مثلنا غير ما خرس دلفنا لبيت الله نرمي ستوره * بأحجارنا زفن الولائد في العرس دلفنا له يوم الثلاثاء من منى * بجيش كصدر الفيل ليس بذي رأس فإلا ترحنا من ثقيف وملكها * نصل لأيام السباسب والنحس فطلبه الحجاج فهرب وأناخ الحجاج بابن الزبير، وتحصن منه ابن الزبير في المسجد واستعمل الحجاج على المنجنيق ابن خزيمة الخثعمي فجعل يرمى أهل المسجد ويقول:
خطارة مثل الفنيق الملبد * نرمي بها عواذ أهل المسجد 2 قال المسعودي: وكتب الحجاج إلى عبد الملك بحصار ابن الزبير وظفره بأبي قبيس فلما ورد كتابه كبر عبد الملك، فكبر من معه في داره، واتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكبروا، واتصل ذلك بأهل الأسواق فكبروا، ثم سألوا عن الخبر فقيل لهم: ان الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة وظفر بأبي قبيس، فقالوا: لا نرضى حتى يحمله إلينا مكبلا على رأسه برنس على جمل يمر بنا في الأسواق هذا الترابي الملعون 3!
كان " أبو تراب " كنية الإمام علي كناه بها رسول الله فاتخذها بنو أمية نبزا للامام وسموا شيعته ترابيا بهذا المناسبة، وأصبح هذا اللقب في عرف آل أمية وشيعتهم طعنا فنبزوا بها ابن الزبير أيضا.