من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا...
وما نزل الامام منزلا ولا ارتحل منه الا ذكر يحيى بن زكريا ومقتله 1.
لبى الامام نداء أهل الكوفة اتماما للحجة كان الامام يعلم بالبداهة وبحسب حكم طبايع الأشياء ومع صرف النظر عما كان قد علمه من الأمور الغيبية بأنباء رسول الله عن الله عز اسمه بمقتله كان يعلم أن عليه أن يختار أحد اثنين لا ثالث لهما اما البيعة أو القتل، وكان يشير إلى ذلك في أقواله مرة بعد أخرى وقد بان ذلك منذ أول مرة طلب منه البيعة بعد موت معاوية حيث أشار مروان على والي المدينة أن يأخذ منه البيعة وأن يقتله ان أبى، ففر منهم الامام إلى مكة والتجأ إلى بيت الله الحرام.
وتبين له في مكة أن يزيد يريد أن يغتاله وخشي أن يكون الذي يستباح به حرمة البيت كما صرح به لأخيه محمد بن الحنفية وقاله أيضا لابن الزبير حين قال له:
وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم والله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت...
والله لئن أقتل خارجا منها أحب إلي من أن أقتل داخلا منها بشبر.
وقال لابن عباس:
لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أقتل بمكة وتستحل بي.
إذا فإن الامام كان يعلم أنه لا محيص له عن القتل أينما كان، لا زال ممتنعا عن بيعة خليفة المسلمين يزيد بن معاوية فاختار سبيل الشهادة لنفسه ولمن تبعه!
أما أهل الكوفة، فإنهم بعد أن توالت كتبهم إلى الإمام الحسين (ع) يقولون فيها انه ليس علينا امام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت أخرجناه حتى نلحقه بالشام.
ويقولون:
إلى الحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمسلمين أما بعد فحي هلا، فان