خطبة الحسين في أصحابه ليلة العاشر:
وروى عن علي بن الحسين، قال: جمع الحسين أصحابه بعدما رجع عمر بن سعد، وذلك عند قرب المساء قال علي بن الحسين: فدنوت منه لاسمع وانا مريض فسمعت أبي وهو يقول لأصحابه: أثنى على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء، اللهم! اني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا اسماعا وأبصارا وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين، اما بعد فإني لا اعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، ألا وإني قد رأيت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام. هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم إنما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري.
جواب أهل بيته وأصحابه:
فقال له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر: لم نفعل لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك ابدا، بدأهم بهذا القول العباس بن علي، ثم إنهم تكلموا بهذا ونحوه، فقال الحسين (ع) يا بني عقيل! حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم، قالوا:
فما يقول الناس؟ يقولون: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل! ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا، وأهلونا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.
وقال: فقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي، فقال: أنحن نخلي عنك ولما نعذر إلى الله في أداء حقك؟! اما والله! حتى اكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك، حتى أموت معك.
قال: وقال سعد بن عبد الله الحنفي: والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله (ص) فيك، والله لو علمت انى اقتل، ثم أحيا، ثم أحرق حيا، ثم أذر، يفعل ذلك بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى القى حمامي دونك، فكيف لا افعل