نظر علي (ع) إلى الخيل قال: ما بالكم وما الذي له جئتم؟ فقالوا: إن عمومتك أرسلوا إلينا لنمدك بالخيل والرجال حتى نوصلك إلى يثرب. قال (ع): ارجعوا فوالله لئن دنى منكم دان لأعقرن فرسه. فرجعوا على أعقابهم.
ثم إن أمير المؤمنين (ع) أقبل حتى صعد على الصفا، ونادى يا معاشر قريش إني خارج غداة غد بالفواطم فمن أراد منكم أن يتبعني فليفعل. ثم نزل وصعد على المروة وفعل مثل ذلك. فلما أصبح الصباح حمل الفواطم وسار قاصدا إلى المدينة فاجتمعت قريش. وقالوا: هذا ابن أبي طالب قد خرج من بين أظهرنا وقد أورثنا الذل والعار ثم دخلوا الكعبة وخروا سجدا للأصنام وسألوها النصر على علي (ع) وكان فيهم حنظلة ابن أبي سفيان دخل إلى الأصنام. وخر ساجدا لها وسألها النصر على علي (ع) ثم خرج ونادى: يا معاشر قريش هذا ابن أبي طالب خرج من بين أظهركم. وقد أورثكم. الذل والعار وها انا آخذ عليه الطريق وممانعه فالتفت إليه أبو سفيان وقال: كذبت يا لكع الرجال ما أنت بكفو له وما أنت بكفه إلا عصفور بيد صقر. أنسيت مبيته على فراش ابن عمه؟ قال: لا بد لي من ذلك ولو دخل بيوتات يثرب لأخرجنه ولأقتلنه. ثم نادى: يا معاشر قريش أسرجوا خيولكم والجموها. ففعلوا ذلك وخرجوا في طلب أمير المؤمنين (ع).
وكان (ع) مر براعي إبل فقال له إذا سألك عني أحد فقل ها هو قريبا متوانيا في مشيه فأقبلت قريش حتى مروا بذلك الراعي فقالوا له هل رأيت رجلا من صفته كذا وكذا معه خمسة هوادج؟ قال: لعلكم تعنون علي بن أبي طالب (ع)؟ قالوا: بلى قال:
ها هو قريب منكم. وكان علي (ع) يسمع كلامهم فانقض عليهم، فلما رأوه قال بعضهم:
هذا سالك طريق. وقال بعضهم: هذا قاصد إليكم، فقال أبو جهل: اما الركبة فقرشية وأما الشمائل فهاشمية، وأما القامة فمضرية، وما أحسبه إلا علي بن أبي طالب، وكان أمير المؤمنين (ع) ملثما فأرخى لثامه، وقال: ها أنا ذا قد جئتكم ما تريدون؟ فتقدم إليه أبو جهل وقال: يا بني نحن وأنتم من شجرة واحدة، ومن قطع بعض أنامله وجد الألم في جميع مفاصله، يا بني دع الضغائن ولا تعرض بنفسك إلى الموت! قال له:
يا أبا جهل اما قولك نحن وأنتم من شجرة واحدة فنعم ولكن ميزنا الله عنكم بقوله عز من قائل: (والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).