ودمائهم ولحومهم، وقتل الشيوخ والكهول والأطفال والشبان، وسبي أولادي وذراري رسول الله، وحملهم على شر الاقتاب، فقام إليه الأشعث بن قيس (لع) وكان مقاليا ومعاديا لأمير المؤمنين (ع) وقال: يا بن أبي طالب ما ادعى رسول الله (ص) ما تدعيه من العلم من أين لك هذا الخبر؟ قال له أمير المؤمنين: ويلك يا أشعث ان ابنك محمد والله من قوادهم، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وعمرو بن الحجاج وعمر بن حريث، كذلك، فأسرع الأشعث في قطع الكلام، وقال: يا بن أبي طالب أفهمني ما تقول حتى أجيبك. فقال: ويلك هو ما سمعت. فقال اللعين: يا بن أبي طالب ما يساوي كلامك عندي تمرتين. وولى وخرج من المسجد، وما عاد بعد ذلك، وقام الناس ومدا أعناقهم إلى أمير المؤمنين ليأذن لهم في قتله، فقال لهم: مهلا يرحمكم الله والله إني لاقدر على قتله منكم ولكن لا بد أن تحق كلمة العذاب على الكافرين.
ومضى الأشعث (لع) وتشاغل في بنيان داره بالكوفة، وبنى في داره مأذنة عالية فكان إذا ارتفعت أصوات مؤذن أمير المؤمنين في جامع الكوفة صعد الأشعث مأذنته فنادى نحو المسجد وهو يخاطب أمير المؤمنين بهذا الخطاب: يا رجل ما قلت ليس بحتم إنك ساحر كذاب، ولا يلتفت إليه أمير المؤمنين (ع) حتى إذا اجتاز (ع) يوما بخطة الأشعث في جماعة من أصحابه واللعين على ذروة بنيانه، فلما بصر بأمير المؤمنين أعرض بوجهه فقال أمير المؤمنين: ويلك يا أشعث ما أعد الله لك من عنق النار؟ فقال له أصحابه يا أمير المؤمنين وكيف عجلت له النار في الدنيا قبل الآخرة؟ قال (ع): لأنه كان لا يخاف الله ويخاف النار فعذبه الله بالذي كان يخاف منه. فقالوا: يا أمير المؤمنين وأين يكون عنق النار هذه؟ قال (ع): في هذه الدنيا والأشعث فيها ويسأل: بم صرت معذبا بهذه النار؟ فيقول: بشكي في محمد، وبغضي لعلي بن أبي طالب، وكراهتي لبيعته وخلافته وخلافي عليه، وخلعي بيعته، ومبايعتي للضب دونه فيتركونه ويتبرون منه، ومن شقاوته ويكفيك أن اللعين هو بنفسه اشترك في دم أمير المؤمنين، وابنته جعدة سمت الحسن حتى رمى كبده في الطشت قطعا قطعا، وابنه محمد بن الأشعث اشترك في قتل مسلم بن عقيل وأعطاه الأمان حتى أخذه أسيرا ثم بعد ذلك شرك في قتل الحسين (ع) وخرج من الكوفة في جيش عظيم الخ.