في مكانه، ثم أمرت غلماني بأن ألقوه في بيت، وأغلقوا الباب عليه.
فلما كان الليل صليت العتمة وبقيت ساهرا أفكر في أمره، وقتله بأي نحو بالذبح أو القطع أو الحرق أو بضرب السوط، حتى غلبني النوم فإذا انا بباب السماء قد انفتح وإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد هبط، وعليه خمسة حلل، ثم هبط علي وعليه ثلاث حلل، ثم هبط الحسنان وعلى كل واحد حلتان، ثم نزل جبرئيل وعليه حلة واحدة، ومع جبرئيل كأس كأصفى ما يكون من الماء، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعطني الكاس. فأعطاه فنادى بأعلى صوته. يا شيعة محمد وآله. فأجابه من حاشيتي وغلماني وأهل الدار أربعون نفسا أعرفهم كلهم، وكان في الدار أكثر من خمسة آلاف إنسان فسقى أولئك النفر من الماء فصرفهم.
ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: أين الدمشقي؟ فانفتح الباب وخرج الدمشقي فلما رآه علي (ع) أخذه وقال يا رسول الله. هذا يظلمني ويشتمني من غير سبب. فقال: خله يا أبا الحسن، ثم قبض النبي (ص) على زنده بيده وقال. أنت الشاتم لعلي بن أبي طالب. فقال: نعم قال: اللهم امسخه وامخقه وانتقم منه. قال فتحول من ساعته كلبا ورد إلى البيت كما كان وصعد النبي، ومن معه إلى السماء فانتبهت فزعا مرعوبا، وأمرت باخراجه فإذا هو كلب فقلت كيف رأيت عقوبة ربك؟ فأومى برأسه كالمعتذر، وأمرت برده وها هو في البيت، ثم نادى وأمر باخراجه، وقد أخذ الغلام باذنه فإذا أذناه كأذني الانسان وفي صورة الكلب، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه، ويحرك شفتيه كالمعتذر. قال الشافعي للرشيد: هذا مسخ، ولست آمن من أن يحل العذاب به فأمر باخراجه عنا فأخرجه فرد إلى البيت، فما كان بأسرع من أن سمعنا وجبة وصيحة فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت البيت فصار رمادا، وعجل بروحه إلى نار جهنم.
قال الواقدي: فقلت للرشيد يا أمير المؤمنين. هذه معجزة عظيمة وعظت بها فاتق الله في ذرية هذا الرجل. قال الرشيد: أنا تائب إلى الله تعالى مما كان مني، وأحسنت توبتي لكن وأنى تنفع التوبة؟ وقد سم إمامنا موسى بن جعفر (ع) بعد أن حبسه مدة طويلة من سجن إلى سجن الخ، وانى تنفعه التوبة من صنع بذراري علي وفاطمة ما صنع؟
حتى قتل منهم في ليلة واحدة ستين نفسا كما ذكر في محله، وشرد منهم في البلدان ما لا يحصى ألا لعنة الله على القوم الظالمين.