لا أمهلك. فقال: أعطاك الله الانصاف، الله سبحانه وتعالى مع كمال قدرته يخلق البطيخ في ثلاثة أشهر، وأنا ما تمهلني ثلاثة أيام. فضحك واستتابه.
وأيضا ادعى رجل النبوة في أيام الرشيد فلما مثل بين يديه قال له: ما الدليل على نبوتك؟ قال: سل ما شئت قال: أريد أن تجعل هذه المماليك المرد ملحى. قال: كيف يحل لي أن أغير هذه الاشكال الحسنة؟ وإنما أجعل أصحاب اللحي مردا في ساعة واحدة فضحك الرشيد وعفا عنه.
وادعى في زمن رسول الله النبوة اثنان، أحدهما رجل وهو مسيلمة والآخرة امرأة وهي سجاح، وورد في الاخبار: أن مسيلمة الكذاب أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم ثم ارتد ورجع إلى اليمامة فأفسد بها، وادعى النبوة، وكتب إلى رسول الله (ص) من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله (ص) أما بعد: فان الأرض لي ولك نصفان فلا تعتد علينا، وكان أهل اليمامة يأتون مسيلمة بأولادهم ويقولون: إن محمدا يمسح يده على رؤس صبياننا فكان كل من يمسح على رأسه يصير أقرع. واتاه أهل الابار يشكون قلة مائها، وقالوا إن رسول المدينة يمج الماء من فيه في الابار ويدعو لها فيطفوا ماؤها ففعل مسيلمة فيبست الابار. فقالوا: كيف إذا؟ قال: إن المعجزة خرق العادة فاما أن يكون من هذا الطرف أو من ذلك الطرف. ومن مزخرفات مسيلمة: إن الذين يغسلون ثيابهم ولا يجدون ما يلبسون أولئك هم المفلسون.
ولما انتشر مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلن مسيلمة بنبوته وتابعه أكثر أهل اليمامة فأرسل إليه أبو بكر خالد بن الوليد في جيش كثير فحاصروه، وتفرد بقتله أبو دجانة وحشي وكان وحشي يقول: قتلت خير خلق الله حمزة بن عبد المطلب، وقتلت شر خلق الله مسيلمة. فكما أنه أفرح المؤمنين بقتل مسيلمة كذلك أحزن المؤمنين بقتل حمزة، ولا سيما سيدنا رسول الله، حتى قيل. ما من يوم أشد على رسول الله من يوم قتل حمزة. ولما وقف عليه يوم أحد اختنق بعبرته وبكى وقال. لك الحمد وأنت المستعان واليك المشتكى ثم قال. لن أصاب بمثل حمزة أبدا، والله ما وقفت موقفا قط أغيظ علي من هذا المكان.
أقول: وقف بعد ذلك موقفا أغيظ على قلبه من ذلك الموقف فمتى ليلة الحادي عشر من المحرم حين وقف على ولده الحسين فرآه وقد قطع الشمر رأسه، وقد قطع الجمال يديه ورضت الخيل صدره.