جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم.
وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت أنفسهم إليها شوقا وظنوا أنها نصب أعينهم جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما، مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم، وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم.
أما النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، قد براهم الخوف فهم أمثال القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه معما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة، فزع ذلك قلوبهم، فطاشت حلومهم، وذهلت عقولهم، فإذا استقاموا (1) بادروا إلى الله عز وجل بالاعمال الزكية.
لا يرضون لله بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون، و من أعمالهم مشفقون، إن زكي أحدهم خاف ما يقولون، ويستغفر الله مما لا يعلمون وقال أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم مني بنفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب.
ومن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على العلم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكسبا في رفق، وشفقة في نفقة، وقصدا في غني، وخشوعا في عبادة، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، ورحمة للمجهود، وإعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطلبا للحلال، ونشاطا في الهدى، و تحرجا عن الطمع، وبرا في استقامة، وإغماضا عند شهوة.
لا يغره ثناء من جهله، ولا يدع احصاء ما علمه، مستبطئا لنفسه في العلم يعمل الأعمال الصالحة، وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وشغله