التي كانت من المؤمن من طين العدو الناصب، ويلزم الله تعالى كل واحد منهم ما هو من أصله وجوهره وطينته، وهو أعلم بعباده من الخلائق كلهم، أفترى ههنا ظلما وجورا وعدوانا؟ ثم قرء عليه السلام " معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون (1) ".
يا إبراهيم إن الشمس إذا طلعت فبدا شعاعها في البلدان كلها، أهو بائن من القرصة أم هو متصل بها؟ شعاعها تبلغ في الدنيا في المشرق والمغرب حتى إذا غابت يعود الشعاع ويرجع إليها، أليس ذلك كذلك؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله قال: فكذلك يرجع كل شئ إلى أصله وجوهره وعنصره.
فإذا كان يوم القيامة ينزع الله تعالى من العدو الناصب سنخ المؤمن ومزاجه وطينته وجوهره وعنصره مع جميع أعماله الصالحة ويرده إلى المؤمن، وينزع الله من المؤمن سنخ الناصب ومزاجه وطينته وجوهره وعنصره مع جميع أعماله السيئة الردية، ويرده إلى الناصب عدلا منه جل جلاله، وتقدست أسماؤه، ويقول للناصب: لا ظلم عليك، هذه الأعمال الخبيثة من طينتك ومزاجك، وأنت أولى بها وهذه الأعمال الصالحة من طينة المؤمن ومزاجه، وهو أولى بها! " اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب (2) ".
أفترى ههنا ظلما وجورا؟ قلت: لا يا ابن رسول الله، بل أرى حكمة بالغة فاضلة، وعدلا بينا واضحا، ثم قال عليه السلام: أزيدك بيانا في هذا المعنى من القرآن؟
قلت: بلى يا بن رسول الله قال: أليس الله عز وجل يقول: " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤن مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم " (3) وقال عز وجل: " والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض