والذي يكشف من أهمية هذا الأثر أن هذه الحاشية كانت من مصادر العلامة المجلسي في شرحه على الكافي المسمى ب " مرآة العقول "، وكثيرا ما استفاد العلامة في المرآة من نص عباراتها، وأشار إلى بعضها ب " قال بعض الفضلاء " أو " قيل ". ونحن قابلنا بعض هذه الحاشية على مرآة العقول وندعي أن أكثرها كان موجودا في المرآة بنصه.
ولا شك أن هذه الحاشية من أدق الحواشي على كتاب الكافي، وكانت ممتازة من جوانب شتى:
الأول: حيث إن المؤلف كان من أساتيد المعقول، وله دقائق في الفلسفة والكلام، صار أثره هذا مشحونا بلطائف ودقائق عقلية وكلامية مبتنيا على مذهب الإمامية، بالأخص ما صدر عنه في شرح كتاب التوحيد. وله في هذا المضمار مطالب بديعة جديدة لا تكون في الشروح التي ألفت قبل هذه الحاشية.
الثاني: أن المؤلف (رحمه الله) لم يغفل عن سند الأحاديث ولم يتركها كلا، بل له عناية إجمالية بالأسناد، ولذا تعرض لبعض رواة المشترك أو المجهول، وأشار إلى بعض التصحيفات، وبعض فوائد أخرى.
الثالث: استفاد المؤلف (رحمه الله) في شرح بعض روايات الكافي من روايات أخرى - في الكافي وغيرها - للتأييد لما خطر بباله الشريف، وهذا ينبئ عن كثرة أنسه بالروايات وتضلعه فيها. ولا يخفى أنه كما أن القرآن يفسر بعضه بعضا، كذلك الروايات أيضا يفسر بعضه بعضا.
الرابع: أن هذه الحاشية مشحونة بنكات أدبية كثيرة؛ حيث إن المؤلف ذكر في مواضع متعددة كيفية ضبط الكلمات وما يحتمل فيها، وأيضا أشار إلى إعراب بعض الجملات وما ينتهي إليه معنى الحديث في هذا المضمار.
الخامس: اهتم المؤلف اهتماما كثيرا في شرح غريب لغات الأحاديث، وشرح اللغات من مصادرها المعتبرة، وشرحها في بعض الموارد من المصادر الفارسية وترجم الكلمة أيضا بالفارسية. وأشار في ترجمة بعض اللغات إلى ما يحتمل في مبدأ اشتقاق اللفظ، واختار ما يناسب المقام.
السادس: كانت للمؤلف (رحمه الله) عناية خاصة ودقة كثيرة في ذكر نص الأحاديث التي نقلها ورواها ثقة الإسلام الكليني (رحمه الله) في الكافي، ولم يكتف في نقلها بنسخة واحدة، بل اعتمد على نسخ مختلفة، واختار أصح العبارات، وأشار إلى بعض المحتملات مستندا إلى النسخ بعبارة: " في