بالمجرمين المشركون الذين اقتدى بهم هؤلاء القائلون، وقوله «وهم أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)» إشارة إلى أن التابع والمتبوع كليهما من أمته لدفع ما عسى أن يقال من أن الآية في بيان اليهود والنصاري ووصف مشركيهم القائلين بأن عزير ابن الله والمسيح ابن الله ووصف تابعيهم لا في بيان حال المشركين من قوم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة.
قوله: (وتصديق ذلك قول الله عز وجل (كذبت قبلهم قوم نوح» (كذب أصحاب الأيكة» ( كذبت قوم لوط») ذلك إشارة إلى «قوله هم أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأيكة غيضة بقرب مدين سكنتها طائفة فبعث الله إليهم شعيبا كما بعثه إلى مدين، ووجه التصديق أن الآية تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن قومه إن كذبوه فهو غير منفرد في التكذيب، فإن هؤلاء الرسل قد كذبهم قومهم قبل قومه. وفيه دلالة واضحة على أن المجرمين هم المشركون المكذبون من قومه دون اليهود والنصارى.
قوله: (ليس فيهم اليهود) تأكيد لقوله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد أو الأول نفي للتشريك وهذا نفي للاختصاص.
قوله: (سيدخل الله اليهود) أشار به إلى أنه لا يلزم من اختصاص الآية المذكورة بمشركي قومه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يدخل اليهود والنصارى النار إذ عدم فهم دخولهم فيها من هذه الآية لا يوجب عدم دخولهم فيها لأنهم أيضا يدخلون فيها بأدلة اخرى كما يدخل فيها كل قوم بأعمالهم.
قوله: (وقولهم (وما أضلنا إلا المجرمون» إذ دعونا إلى سبيلهم» أشاروا بذلك إلى سبب الاضلال وهو أن المجرمين دعونا إلى سبيلهم وهو الشرك فاستجبنا لهم واتبعناهم ولما كان قولهم هذا يدل صريحا وضمنا على نسبة الاضلال إليهم والمخاصمة بينهم وبراءة بعضهم من بعض والاعتذار من ضلالتهم أشار إلى أنه أخبر بجميع ذلك قول الله عز وجل فيهم إلى آخر ما ذكر.
واداركوا أصله تداركوا فادغم، ومعناه تلاحقوا أي لحق آخرهم أو لهم.
قوله: (فلما أذن الله لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخروج) لما فرغ مما دل على أن الله تعالى لا يعذب قبل الهجرة إلا بالشرك وهو إنكار التوحيد والرسالة شرع فيما دل على أنه يعذب بعدها بالشرك وبترك الطاعات وفعل المنهيات وهو مع انضمام أن المؤمن لا يعذب دل على أن العمل معتبر في تحقق الإيمان بعدها.
وبالجملة المفهوم من أحاديث هذا الباب أن المؤمن لا يعذب وأن الإيمان قبل الهجرة مجرد التصديق وبعدها التصديق مع العمل وبناء الإسلام بعدها على خمس دل على أن من ترك منها شيئا خرج من الإسلام ودخل في الكفر وإنما قال بني الإسلام ولم يقل بني الإيمان لئلا يتوهم أن التارك داخل في الإسلام ثم إن سمى كل واحد من هذه الخمسة ايمانا أيضا كما سمى المجموع