وعدمه هو فلو كان الإيمان مجرد كلام لم ينزل هذه الأحكام فإن قلت لعل الإيمان وعد منه مناط لأصل الثواب والعقاب وتفاوت الدرجات والدركات لأجل تلك الأحكام فيتوجه المنع إلى الشرطية قلنا المقصود أن الدرجات أيضا للأيمان فيتم الشرطية إذ محصلها أن الإيمان موجب الاستحقاق الثواب والدرجات العالية فلو كان كلاما فقط لم ينزل احكام والحاصل أن كلامنا في الإيمان الكامل، وظاهر أنه ليس مجرد كلام بل الأعمام والاحكام معتبرة فيها.
قوله: (فلم يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم) التعذيب بالضرب والقطع والإهانة بهما يدل على أن الزاني والسارق مثلا ليسا بمؤمنين لأن المؤمن عزيز لا يعذب ولا يهان.
قوله: (ثم قال فما بلا من جحد الفرايض كان كافرا) لعل المراد أن جاحد الفرائض مثل الصلاة والزكاة والصوم وغيرها كافر عندهم أيضا وما ذلك إلا لأنها معتبرة في الإيمان وإذا كان كذلك كان تاركها أيضا كافرا كما يدل عليه ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أن الكفر كما يطلق على كفر الجحود كذلك يطلق على ترك ما أمر الله عز وجل به» وما روي عنه (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا» قال اما «آخذ فهو شاكر واما تارك فهو كافر» والكفر بهذا المعنى ينافي الإيمان الكامل دون إيمان التصديق وما روى من أن المؤمن لا يدخل النار يراد به المؤمن الكامل ثم المفهوم من هذا القول أن الفرائض معتبرة في الإيمان الكامل، وأما أنها من اجزائه أو شرايطه أو هي أيضا إيمان فلا دلالة فيه على شيء من ذلك ولكن المشهور الأول وعليه روايات منها الروايات الأولى من هذا الباب والثاني محتمل والثالث مدلول بعض الأخبار كما سيجيء في الباب الآتي من تسمية الصلاة ايمانا.
* الأصل 3 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سلام الجعفي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإيمان، فقال: الإيمان أن يطاع الله فلا يعصى.
قوله: (فقال الإيمان أن يطاع الله فلا يعصى) قد ذكرنا أن الإيمان في عرف الأئمة (عليهم السلام) هو الإيمان الكامل الذي لا يستحق صاحبه الخزي والخذلان وليس ذلك إلا التصديق والطاعة لله تعالى في أوامره ونواهيه فكان ما عداه ليس بإيمان حقيقة، وليس المقصود نفي الإيمان عن غيره (1)