في النار كسائر الكفار وهو يشكل بظاهره لما في الرويات الكثيرة من أن تارك العمل وفعل المعصية فاسق تلحقه الشافعة فلابد من تأويله وأقرب التأويلات أنه ليس بكامل الإيمان وأنه يخلع عنه الإيمان الكامل كخلع القميص فيكون من باب نفي الشيء بنفي صفته نحو لاعلم إلا ما نفع، وقيل أنه ليس بمؤمن إذا كان مستحلا وهذا ليس مختصا بما ذكر وكأنه للتمثيل، قيل ليس بمؤمن من العقاب وهذا أيضا ليس بمختص، وقيل المقصود نفي المدح أي لا يقال له مؤمن بل يقال: زان أو سارق، وقيل أنه لنفي البصيرة أي ليس ذا بصيرة ونقل عن ابن عباس أنه لنفي النور أي ليس ذا نور، وقيل أنه نهى لاخبر وهو بعيد لأنه لا يساعده اللفظ ولا الرواية وقيل المقصود نفي الاستحضار أي ليس بمستحضر الإيمان، وقيل المقصود نفي العقل أي ليس بعاقل لأن المعصية مع استحضار العقوبة مرجوحة والحكم بالمرجوح بخلاف المعقول، وقيل المقصود نفي الحياء والحياء شعبة من الإيمان أي ليس بمستحى من الله سبحانه، وقيل محصول على التشديد كقوله تعالى (وكفر فإن الله غني من العالمين».
وقيل أنه من المتشابهات هذا جملة القول من العامة والخاصة فليتأمل.
قوله: (الذين يرمون المحصنات - ألخ) رتب على قذف المحصنات ثلاثة امور:
الأول ثمانون جلدة.
الثاني عدم قبول الشهادة مطلقا كما يقتضيه وقوع النكرة في سياق النفي، قال القاضي وقيل في القذف ولا يتوقف على استيفاء الجد خلافا لأبي حنيفة لأن الواو لا يدل على الترتيب ولأن حال القاذف قبل الجلد أسوء مما بعده.
الثالث أنه فاسق خارج عن طاعة الله تعالى ثم الظاهر أن الاستثناء متعلق بالآخيرين، وأما الجلد فهو حق الناس لا يسقط إلا بالاستحلال عن المقذوف والإصلاح المذكور بعد التوبة. قيل:
هو تأكيد وتقرير لها، وقيل هو البقاء عليها، وقيل هو تسليم النفس للحد أو طلب العفو عن المقذوف.
قوله: (فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالإيمان) أي فبرأ الله تصديقه بأن يكون الضمير راجعا إليه بقرينة المقام أو أريد بالإيمان المؤمن مجازا أو أهل الإيمان بحذف المضاف وفيه دلالة على أنه إذا تاب عن الفرية وأكذب نفسه عنها عاد إلى الإيمان ويسمى مؤمنا.
قوله: (قال الله عز وجل) بيان لدم تسمية الرامي مؤمنا وحاصله إن الله تعالى سماه في الآية المذكورة فاسقا وجعل الفاسق في قوله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا» مقابلا للمؤمن فهو غير مؤمن وله وجه آخر وهو أنه تعالى سماه فاسقا وسمى الفاسق كافرا فهو كافر والكافر ليس