شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٩٢
من الناسخات كما زعمه بعض نظرا إليه، وقال كون المنسوخات من أفراد المتشابهات وأخص منها وله وجه، وأما كون المحكمات من أفراد الناسخات وأخص منها فلا وجه له بل الأمر بالعكس ففيه قلب فليتأمل.
قوله: (إن الله عز وجل بعث نوحا) كان المراد هنا أمر أن الأول يعلم ضمنا وهو أن الله عز وجل بعث الأنبياء وقرر الإيمان والشرائع وأوجب على عباده الرجوع إليهم وعدم التقول في الدين بآرائهم، والثاني أن الإيمان في بداية بعثة كل رسول الله كان مجرد التصديق بالتوحيد والرسالة ومن مات عليه كان مؤمنا وجبت له الجنة ثم صار بعد وضع الأحكام والوعيد على مخالفتها وتكثر الأمم واستجابتهم هذا مع العمل حتى من ترك تلك الأحكام خرج من الإيمان واستحق الدخول في النار. وفيه رد على من زعم أن الإيمان إنما هو التصديق المذكور والله أعلم.
قوله: (فمن آمن مخلصا) أي من آمن بالله ونفي الشريك عنه وآمن برسوله وبما جاء به الرسول مخلصا معتقدا غير مشوب بالشك ومات عليه أدخله الله الجنة بذلك ولا يعاقبه بترك الأعمال ولا ينافي ذلك وجوبها لأن الواجب مما يستحق تاركه ذما لا ما يعاقب تاركه واستحقاق الذم لا يوجب العقوبة بل لا يوجب الذم أيضا.
قوله: (وذلك أن الله ليس بظلام للعبيد) الظاهر أن ذلك إشارة إلى إدخاله في الجنة بمجرد تلك الشهادة والإقرار وإن لم يعمل، بيان ذلك أنه مؤمن وعدم إدخال المؤمن فيها ظلم لاستحقاقه إياها والله ليس بظلام للعبيد بمنعهم عن حقوقهم، وفيه مبالغة في نفي الظلم لا نفي مبالغة في الظلم على أنه لو أريد هذا لا مكن أن يقال فيه نفي للظلم بالكلية لأن كان صفة له تعالى على وجه الكمال فلو كان له ظلم كان ظلمه على وجه الكمال فإذا نفي عنه الظلم على هذا الوجه فقد نفي عنه ظلم رأسا.
قوله: (وذلك أن الله لم يكن يعذب) لعله إشارة إلى عدم تعذيبه بترك العمل حينئذ لكونه مذكورا التزاما لأن ادخاله الجنة بمجرد ذلك التصديق يستلزم عدم التعذيب بترك العمل. بيان ذلك أن الله تعالى لم يكن يعذب العبد بالمعاصي حتى يغلظ عليه فيها ويوجب لمن عمل بها النار ولما لم يغلظ عليه فيها ولم يوعده بالنار بها في ذلك الزمان لا يعذبه بها.
قوله: (فلما استجاب لكل نبي من استجاب) لعل المراد أن الإيمان بعد استجابة الأمة وكثرتهم ووضع الشرائع من الأوامر والنواهي والحدود والتغليظ علهيم بالمعاصي وعيدهم بالنار بفعلها صار عبارة عن ذلك التصديق والعمل حتى من ترك واحدا منهما كان كافرا يعذب بالنار. والشرعة والمنهاج متقاربان لأن الشرعة طريق الدين والمنهاج الطريق المستقيم والمراد بهما الأحكام
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428