على ما يظهر من الباب الآتي كان مصداق الإيمان قبل الهجرة أقل من مصداقه بعدها وإلا فهو أكثر.
قوله: (ولا يعلن الله مؤمنا) وكذا يغضب عليه ولعل المراد أن قاتل المؤمن معتمدا كافر خارج من الإيمان والظاهر أن قوله «قال الله عز وجل» استشهاد لعدم لعن المؤمن، وفي دلالته عليه خفاء لأن تعلق اللعن بالكافرين لا يدل على عدم تعلقه بغيرهم إلا أن يقال تخصيصهم بالذكر يدل على ذلك أو يقال المقصود من الآية بيان الملعونين وتعيينهم وتمييزهم عن غيرهم ويرشد إليه قوله (عليه السلام) قد بين ذلك من الملعونين في كتابه فإذا لم يذكر غير الكافرين علم أن اللعن لا يتعلق بالمؤمنين.
قوله: (وكيف يكون في المشية) كيف للإنكار ردا على من زعم أن القاتل في مشية الله تعالى إن شاء عذبه وأخزاه، وإن شاء رحمه ونجاه! أي كيف يكون هو في المشيئة وقد ألحقه بالكافر في دخوله في النار أبدا وصرح بالغضب واللعن عليه.
قوله: (قد بين ذلك من الملعونون في كتابه) ذلك إشارة إلى قوله تعالى، وفاعل لبين و «من» مفعوله إذا كان ذلك بيانا للملعونين علم أنهم هم الكافرون فلا يكون المؤمن ملعونا.
قوله: (وذلك أن آكل مال اليتيم معروف وقد يطلق على آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بل على شيعتهم أيضا كما دل عليه بعض الروايات ولا يبعد التعميم هنا.
قوله: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) نهى الزاني عن نكاح المؤمنة نهى تحريم أو تنزيه لعدم التناسب بينهما في الإيمان ورخص له نكاح الزانية والمشركة لتحقق التناسب بينهما في الكفر، ولعل الغرض من النهى والترخيص هو الاشعار بخسة الزناء، وإهانة أهله والزجر عنه لأنه الذي بعده عن الإيمان وقربه إلى الكفر ولاستنكاف طبع المسلم أن تكون زوجته زانية أو مشركة ويحثه ذلك على ترك الزناء وقس على هذا نظيره.
قوله: (فلم يسلم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية مؤمنة) وجه التفريع أنه قارون الزاني بالمشرك وأخرجه عن حكم المؤمن وقارن الزانية بالمشركة وأخرجها عن حكم المؤمنة أو أنه لما منع بمفهوم الحصر الأول أن ينكح الزاني مؤمنة لانتفاء الكفؤ وهو الإيمان وجوز بمنطوق الثاني أن ينحكم الزاني والمشرك لتحقق الكفؤ وهو الكفر علم أن الزاني والزانية ليسا بمؤمنين أو أنه فهم ذلك من قوله تعالى «وحرم ذلك» أي النكاح المذكور على المؤمنين والتحريم يحتمل الوجهين.
قوله: (وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس يمترى) أي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن لا يشك أهل العلم من هذه الأمة أن هذا قوله وفي هذا الحديث وأمثاله دلالة على أن الزاني حين الزناء والسارق حين السرقة ليسا مؤمنين قطعا حتى لو ماتا في تلك الحالة كانا مخلدين