أن الإيمان إنما هو بالمعني الأول وحده ولم يعلموا أنه نسخ وحدة ذلك وضم معه شيء آخر.
قوله: (أن ناسا تكلموا... إلى آخره) التنكير أو للتكثير أولهما وذلك إشارة إلى تكلمهم وما بعده بيان لوقوعه لأن الله تعالى أخبر به وأعلم أنه لا يجوز تأويل متشابهات القرآن والأحاديث عندنا بالرأي بل يجب صرفه إلى الراسخين في العلم وهم أهل الذكر (عليهم السلام) ومن يتعرض له من أصحابنا فإنما يتعرض لوجوهه على سبيل الاحتمال من غير جزم بأحدها إلا أن يدل عليه دليل آخر.
قوله: (هن أم الكتاب - الخ) قيل أم الكتاب أصله الذي يرجع إليه عند الإشكال أي هن أصول ما أشكل من الكتاب فيرد ما أشكل منه إلى ما اتضح منه، وقيل غير ذلك، والزيغ الميل عن الحق إلى غيره والفتنة الضلال أو الشك والتأويل صرف الكلام عن ظاهره إلى خلافه والمتبعون للمتشابه لابتغاء الفتنة منهم من يتبعه للقدح في القرآن والتشكيك فيه واضلال العوام كالزنادقة والقرامطة وغيرهم منهم من بتبعه ويعتقد بظاهره كالمجسمة والمصورة ومنهم من يتبعه ويحمله على خلاف ظاهره برأيه كأهل السنة، وأما الفرقة الناجية فيرجعون في تأويله إلى الله وإلى الراسخين في العلم، وقد جرت الحكمة البالغة على أن يمتحن الله عز وجل عباده في هذه النشأة بأنحاء شتى ومما امتحنهم به انزال المتشابهات والله ولى التوفيق.
قوله: (فالمنسوخات من المتشابهات والمحكمات من الناسخات) النسخ في اللغة الإزالة والإبطال وفي العرف إزالة حكم شرعي بدليل شرعي متأخر، والمتقدم منسوخ والمتأخر ناسخ، والمحكم في اللغة المتقن وفي العرف يطلق على ماله معنى لا يحتمل غيره وعلى ما اتضحت دلالته، وعلى ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما جميعا، وعلى ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا والمتشابه يقابله بكل واحد من هذه المعاني إذا عرف هذا فنقول الظاهر أن الفاء للتفسير لزيادة تفظيع حالهم بأنهم يتبعون المنسوخات والمتشابهات دون المحكمات والناسخات لأن المنسوخات من باب المتشابهات في التشابه إذ يشتبه عليهم ثباتها وبقاؤها، والمحكمات من قبيل الناسخات في الثبات والبقاء فإذا اتبعوا المتشابهات اتبعوا المنسوخات لأنهما من باب واحد وإذا اتبعوا المنسوخات لم يتبعوا الناسخات وإذا لم يتبعوا الناسخات لم يتبعوا المحكمات لأنهما أيضا من باب واحد ولذلك قالوا الإيمان هو مجرد التصديق بالله ورسوله ولم يعلموا أنه كان كذلك قبل الهجرة ثم نسخ بعدها وأضيف إليه الولاية والعمل، ويحتمل أن يكون للتفريع لأنه يفهم من الآية اتباعهم المنسوخات لكونها من باب المتشابهات وعدم اتباعهم المحكمات لكونها من باب الناسخات التي يتبعوها وعلى هذا لا قلب في قوله (عليه السلام): والمحكمات