شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٨٣
(فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا) توطين النفس على الصبر كناية عن لزومه توجب الاجر لتام في الآخرة ودفع المكروهات واعقاب الخيرات في الدنيا.
* الأصل 7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجنهم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهواتها دخل النار.
* الشرح قوله: (قال الجنة محفوفة بالمكاره والصبر - الخ) الحديث متفق عليه بين الخاصة والعامة روى مسلم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» وهذا من بديع الكلام وجوامعه ومن التمثيل الحسن وأحفاف الشيء جوانبه والمقصود أنه لا يواصل إلى الجنة إلا بتخطى المكاره والصبر عليها ولا يوصل إلى جنهم إلا بتخطى الشهوات والمرور عليها والاطمينان بها ويدخل في المكاره الجد في العبادة والصبر على مشاقها وكظم الغيظ والصبر على الشهوات ويدخل في الشهوات جميع المحرمات كالزناء وشرب الخمر والغيبة وأمثالها، وأما المباحات فلا يدخل فيها ولكن يركه الاكثار منها لأنها قد تقسى القلب وتجر إلى الرغبة في الدنيا بل قد تجر إلى المحرمات.
* الأصل 8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم، عن أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دخل المؤمن في قبره، كان الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر مظل عليه ويتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مسائلته قال الصبر للصلات والزكاة والبر: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه.
* الشرح قوله: (إذا دخل المؤمن في قبره كانت الصلاة عن يمينه - الخ) دل ظاهره على تجسم الأعمال والأخلاق والروايات الدالة عليه وعلى تجسم الاعتقادات أيضا كثيرة فلا ينبغي إنكاره وحمله على التمثيل (1)

١ - قوله «فلا ينبغي إنكاره وحمله على التمثيل» يعني إنكار أصل ورود الخبر لأن الروايات الدالة عليه فوق حد الاحصاء ولعله متواترة معنى. وأما حمله على التمثيل ولسان الحال فمجاز بعيد لا يذهب إليه بغير قرينة ولو بنينا على التأويل لهدم أكثر الاصول والعجب إن المجلسي الثاني (رضي الله عنه) انكر تجسم الاعمال مطلقا في بعض كتبه مثل حق اليقين ولكن ولده (رضي الله عنه) في * الشرح من لا يحضره الفقيه أثبته وحققه ولا استبعاد في أن يكون لكل مهية في كل عالم صورة كالعلم في صورة اللبن على ما ثبت في موضعه، فإن قيل ألا تحمل قوله تعالى «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر» على التمثيل لأن الصلاة لا تتكلم إلا بلسان الحال وقوله «أن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لما يشقق فيخرج منها الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله» وقوله «يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله» كذلك تحملها على التمثيل لأن الحجارة لا تتأثر بالوعظ وظل الأشياء لا يسجد إلا أن حالتهما تشبه السجدة والتأثر قلنا بينهما فرق لأن الآيات بيان حال الأجسام في هذا العالم المحسوس وأما تجسم الأعمال ففي عالم آخر واختلاف الصور في العوالم المختلفة غير بعيد نعم يتوقف ذلك على اثبات تجرد الخيال وهي حافظة الحسن المشترك للنفس وبقائها بعد فساد البدن ولعلنا نبين ذلك إنشاء الله تعالى. (ش)
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428