المؤمنين (عليه السلام) الصبر والشجاعة.
(وإصبر على ما يقولون وأهجرهم هجرا جميلا) أمره بالصبر على تكذيبهم وبالهجر عن ذواتهم أو عن مخاصمتهم، وفيه ترغيب في حمل النفس على الصبر والمجاهدة لتخلص من عداوة الخلق والغضب عليهم وشهوة الدنيا والاشتغال بغيره تعالى، والهجر الجميل هو إن يجانبهم ويداريهم ولا يكافيهم ويكل أمرهم إلى الله كما قال:
(وذرني والمكذبين أولى النعمة) أي دعني وإياهم فإني أجازيهم في الدنيا والآخرة وأولى النعمة صناديد قريش وغيرهم.
(وقال تبارك وتعالى إدفع بالتي هي أحسن) قال عز وجل (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن قال بعض المفسرين صبر الله تعالى بهذه الآية رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) على سفاهة الكفار وعلمه الأدب الجميل في باب الدعاء إلى الدين بل في مطلق امور التمدن، و «لا» زائدة لتأكيد نفي الاستواء والمعنى لا مساواة بين الحسنة والسيئة أبدا يعني يكسان نيست نيكى و بدى هرگز كالايمان والكفر والحلم والغضب والطاعة والمعصية واللطف والعنف والعفو والاخذ ولما كان هنا مظنة سؤال وهو أنه كيف يصنع بالخبيث الموذي قال (ادفع بالتي هي أحسن السيئة» أي ادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن منها وهي العفو واسم التفضيل مجرد عن عن معناه أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو والمكافاة وتلك الحسنة وهي الاحسان في مقابل الإساءة ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كل واحد من العفو والمكافاة أيضا حسنة إلا أن الاحسان أحسن منهما وهذا قريب مما ذكره صاحب الكشاف من أن «لا» غير مزيدة والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن إذا اعترضك حسنتان فادفع بها السيئة، مثاله مثاله رجل أساء إليك فالحسنة أن تعفو عنه والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته.
(فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) أي إذا فعلت ذلك صار عدوك مثل الولي الشفيق، ثم مدح هذه الحضلة الكريمة وصاحب هذه السيرة الشريفة بقول:
(وما يلقيها إلا الذين صبروا) أي لا يعمل بهذه السجية العظيمة وهي العفو عن الإساءة أو مقابلتها بالاحسان الاكل صبار على تجرع المكاره.
(وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم) من قوة جوهر النفس الناطقة بحيث لا تتأثر من الواردات الخارجة وقيل الحظ العظيم وقيل الثواب الجزيل.
(ولقد نعم أنك يضيق صدرك) كناية عن الغم (بما يقولون) من الشرك والطعن فيك وفي