لتوغله في الجهاد قد لا يجد ألم الجراحة.
وبالجملة هو أمر ممكن إلا أنه صعب نادر ثم الرضاء بالشيء لا ينافي الدعا لرفعه خلافا لطائفة من المتصوفة المبتدعة حيث قالوا: إن شرط الرضاء ترك الدعاء لرفع البلاء وطلب النعماء. لأن طلب رفع امر وارد منه تعالى وحصول غير ينافي الرضا بما حكم به، وهم في طرف الافراط، ولا طائفة الأولى في طرف التفريط.
والجواب عنه أولا بالنقض وهو أن دعاء الأنبياء والأوصياء وحثهم عليه أمر مشهور، وفي الكتب السماوية وغيرها مذكور ولا ينكره أحد من أهل الإسلام، وثانيا بالمنع لا نا لا نسلم أن الطلب المذكور ينافي الرضاء وإنما المنافي له إستكراه النفس بالواردات من عند الله تعالى والطلب لا يستلزم الإستكراه، وثالثا بالحل وهو أن الدعاء عبادة أمر الله تعالى بها غير مرة لتضمنها انكسار القلب وعجزه وتضرعه وتواضعه وخشوعه ومخالفة امر الله تعالى تنافي الرضا وههنا بحث مشهور وهو أن المعصية والفكر بلية، والرضا بهما معصية وكفر فكيف يعد من الفضائل وكيف يطلبه الشارع؟
وأجيب عنه بأنه مستثنى لورود النهي عنه كما نقله الغزالي، وأجاب هو بأن المعصية من قضاء الله تعالى ولكن لها وجهان: أحدهما كونهما من فعل العبد باختياره وسببا لمقته، وثانيهما كونها بقضاء الله وتقديره عدم خلو العالم منها ولا بد من الرضا بها على هذا الوجه دون الأول الذي هو صدورها من العبد.
وأجيب عنه أيضا بأن الرضاء بالقضاء لا يستلزم الرضاء بالمقتضى. والمقتضى إن كان فعله تعالى أو فعل العبد وهو خير، فالرضاء به مطلوب من دليل خارج وقد مر لهذا زيادة توضيح في كتاب العقل في حديث جنوده.
(ولا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره) اسم كان راجع إلى ما قضاه الله بقرينة المقام أي كاف ما قضاه الله خيرا للعبد فيما أحبه وما كره لاشتماله على مصالح جليلة جلية أو خفية كما قال سبحانه «عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم» أو إلى رضاء العبد وهو خير له لأنه يوجب أجرا عظيما وذلك كما أن الدواء مر في مذاق المريض مكروه له إلا أنه خير له في المواقع، فكما أن الحكيم منا يداوى المريض بما هو خير له، وإن كان مكروها لطبعه كذلك الحكيم يفعل بعباده ما هو خير لهم.
* الأصل 2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن