يوجب الحسرة والندامة بخلاف ظهورها قبله فإنه يوجب السعادة التي هي قرب الحق والاعراض عن غيره بالكلية، وأعلم أن في هذه الرواية ورواية القاسم بن يزيد دلالة واضحة على أن حارثة استشهد في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال الفاضل الأسترآبادي في رجاله حارثة بن النعمان الأنصاري كنيته أبو عبد الله شهد بدرا واحدا وما بعدهما من المشاهد وذكر هو أنه رأى جبرئيل (عليه السلام) دفعتين على صورة دحية الكلبي أولهما حين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بني قريظة، والثاني حين رجع من حنين. وشهد مع أمير المؤمنين (عليه السلام) القتال وتوفي في زمن معاوية ولا يخفي المنافاة بينه وبين الرواية إلا أن تكون هذا غيره.
* الأصل 4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا.
* الشرح قوله: (أن على كل حق حقيقة) الحق وهو ضد الباطل كل ما جاء به الرسول من الأحكام والاخلاق والشرائع وجميع ما أمر به ودعا إليه فأخبر (عليه السلام) أن على كل حق ظاهر حقيقة هو ينتهى إليها ويراد بها، وفيها كماله واليها مآله، وقول بعض المحققين في تقسيم ما جاء به الشارع إلى شريعة وحقيقة إشارة إليهما حيث أرادوا بالشريعة ظاهر ما ورد به النقل، وبالحقيقة باطن ما بين العبد وبين الله عز وجل فحكم الشريعة على الظاهر، وحكم الحقيقة على الباطن كما روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر» فقد ظهر أن الحق كالشريعة أول الحقيقة وهي غايته وهو ظاهر وهي بطانته، فكل عبادة ظاهرة أن لم تصدر عن حقيقة باطنة كأعمال المنافقين فهي باطلة، وكل طاعة أن لم تنته إلى حقيقة ثابتة كأفعال المرائين فهي عاطلة، وكذلك الأخلاق لها حق وحقيقة كالتوكل فإن حقه مع العام بضرورة عقد الإيمان مع تعلقهم بالأسباب وحقيقته ينتهى إليها الخاص بقطع الأسباب وسكون السر إلى مسبب الأسباب، وكالحياء فإنه له حقا مع الكل وله حقيقة مع الخواص، وكالتقوى فإن أو له حق وهو تقوى الشرك يشمل عوام المؤمنين وله حقيقة وغاية يبلغها خواص الأولياء، وكذلك الإيمان فإن أو له حق وبه يخرج عن الكفر وهو يشمل عوام المؤمنين وتله حيقيقة وغاية وهي كماله يبغها خواص المؤمنين الذين قال الله تعالى في شأنهم « إنما المؤمن الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلم ربهم يتوكلون» وكذلك اليقين أو له حق وآخره وباطنه حقيقة هي غايته وكماله.
وبالجملة الحق في كل شيء بمنزلة القشر والحقيقة بمنزلة اللب ولا ينفع القشر بدون اللب