شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
تأكلون) وإنما خصهما بالنهي لأنهما من أعظم مطالب الراغبين في الدنيا، وعلى الثاني بقوله (واتقوا الله الذي إليه ترجعون) وفيه وعد وعيد جميعا وقد مر تفسير التقوى وبيان مراتبها.
* الأصل 2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي وإبراهيم بن مهزم، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) قال:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخنق ويهوى برأسه، مصفرا لونه، قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله وقال: إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟ فقال: إن يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هو أجري فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون وكأني الان أسمع زفير النار، يدور في مسامعي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان، ثم قال له: إلزم ما أنت عليه، فقال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.
* الشرح قوله: (فنظر إلى شاب في المسجد) يحتمل أن يكون حارثة بن مالك الأنصاري الآتي (وهو يخفق) أي يضرب أو ينام حتى يسقط ذقنه على صدره وهو قاعد. يقال: خفق برأسه إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائره جسده وحينئذ قوله (ويهوى برأسه) كالتفسير له. ومنشأ هذا وما بعده من اصفر اللون ونحافة الجسم وغور العينين قلة الاكل وكثرة السهر والرياضة والعبادة والحزن من امر الآخرة. (فعجب رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله) لأنه أخبر بشيء نادر الوقوع موجب لحمده واستحسانه والرضاء عنه، والتعجب انفعال النفس لزيادة وصف مدح أوذم في المتعجب منه. ولما ادعى اليقين لنفسه تقاضاه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمصداقه أي ما يصدقه وطلب منه شواهد تشهد له بتحقيقة دعواه، وقال (ان لكل يقين حقيقة) أي لكل فرد من أفراده الشخصية كما يشعر به قوله (فما حقيقة يقينك) فان الإضافة تفيد الإختصاص والجزئية أو لكل نوع من أنواعه وهي علم اليقين. وعين اليقين، وحتى اليقين، ولعل المراد بحقيقة اليقين غايته التي ينتهي إليها ويستقر فيها ولها آثار شريفة وصفات لطيفة وأمارات منيفة دالة على حصولها وتحققها والسؤال وقع عن تلك الآثار فلذلك
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428