شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٧٧
* الشرح قوله: (التفكر يدعوا إلى البر والعمل به) لأن التفكر سراج القلب يرى به المتفكر خيره وشره ومنافعه ومضاره وكل قلب لا فكر فيه فهو مظلم لا يرى إلى البر دليلا ولا إلى العمل سبيلا، ومن التفكر أن يتفكر لأي شيء خلق ومن أين جاء وإلى أين يقصد ولأي شيء أنزل في هذا المنزل، وفيها سعادته وشقاوته فإن هذا التفكر أشد جاذب له إلى البر والعمل به، ومنه أن يتفكر في قوله تعالى: (أو لم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم - الآية» إلى غيرها من الآيات الدالة على الترغيب في التفكر فإن التفكر فيها أقوى زاجر له عن الدنيا وأكمل داع إلى البر والعمل به للآخرة إذ من تفكر في أحوال الماضين من الرعايا والسلاطين وأعمالهم وأخبارهم وآثارهم وتفكر في أنهم بنوا ما لم يسكنوا وجمعوا ما لم يأكلوا وسعوا فيما لم ينتفعوا وفي أنهم كم تركوا في أنهم بنوا ما لم يسكنوا وجمعوا ما لم يأكلوا وسعوا فيما لم ينتفعوا وفي أنهم كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين تبرد الدنيا وما فيها عنده، وأشرق قلبه بنور ربه حتى رأى بعين البصيرة أحوال الآخرة ومقاماتها ورغبت نفسه عن قنيات الدنيا وزهراتها ومال إلى حضرة الحق والجلال واشتاق إلى كأس القرب والوصال، وعلم أن ذلك لا يحصل إلا بالبر والعلم فعلم أن التفكر يدعو إليهما، نعم ما قيل:
ولم أر كالأيام للمرء واعظا * ولا كصروف الدهر للمرء هاديا لعمرك يما يدري الفتى كيف يتقى * إذا هو لم يجعل له الله واقيا وأحسن فإن للمرء لابد ميت * وإنك قد تجزى بما كنت ساعيا ومنه أن يتفكر في معاني آيات القرآن عند تلاوته فإذا بلغ آيات الصفات مثل العزيز والحكيم والقدوس يتأمل في أسراره، وإذا بلغ آيات الأفعال مثل خلق السماوات والأرض يتأمل في عظمة الخالق، وكمال عمله وقدرته، وعلى هذا فإنه يحصل له بذلك الانقطاع عن الدنيا وملكة الميل إلى البر والعمل به.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428