* الأصل 2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس [أن] تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف تفكر؟ قال: يمر بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك، أين بانوك، ما [با] لك لا تتكلمين.
* الشرح قوله: (أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة) أي تفكر ساعة في عظمته وآلاته وتواتر أياديه ونعمائه أو في سكرات الموت وما بعده من العقوبات أو في محن الدنيا وعدم وفائها وما فيها من المصائب والبليات أو في فناء أهلها وانقطاع أيديهم من التصرفات (خير من قيام ليلة) للعبادة فإن كل ذلك يوجب تنور القلب وصفاء الذهن وترك الدنيا والميل إلى الآخرة وحلاوة الذكر والطاعة وكمال السعادة ومحبة الحق واعراضه عن غيره واستعمال الأعضاء الظاهرة والباطنة فيما خلقت له، وربما يخطر بالقلب بتفكر ساعة حالة مانعة من المعاصي في مدة العمر فهو أفضل من عبادة ليلة لكثرة فوائده وعظمتها.
(قلت كيف تفكر) أراد إيضاحه بمثال جزئي فلذلك أتى (عليه السلام) به.
(قال يمر بالخربة أو بالدار) التي هلك أهلها (فيقول) تحسرا أو تحزنا لحاله وحالهم (أين ساكنوك؟ أين بانوك؟ مالك لا تتكلمين؟) فإنه إذا تفكر في ذلك تجدهم انقطعوا عن الدنيا وثمراتها، وزالت أيديهم عما كان لهم من أسبابها وزهراتها وانقلوا عن دار الانس والأحبة وخلوا بيت الغربة والوحشة، مالهم من أحبائهم ظهير ولا نصير ولا له من أموالهم قطمير ولا نقير إذا أوجدهم كذلك خطر بباله أنه يصير مثلهم عنقريب ولا يكون له من ماله حق ولا نصيب فتبرد لذلك قنيات الدنيا في بصره وتحتقر زهراتها في نظره فيقدم إلى اصلاح أمره ومثواه ولا يبيع آخرته بدنياه.
* الأصل 3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته.
* الشرح قوله: (أفضل العبادة ادمان التفكر في الله وفي قدرته) أفضلية العبادة باعتبار عظمة قدرها وكثرة منافعها وآثارها وشرافة لوازمها وأسرارها ولا ريب في ان ادمان التفكر في الله وفي قدرته أعظم العبادات قدرا وأشرفها أثرا وأفخمها رتبة وأرفعها منزلة، ولذلك وقع الأمر به في آيات