متكاثرة وروايات متضافرة وله آثار شريفة ولوازم منيفة كلها عبادات عظيمة كمعرفة الرب وعظمته وعلمه وقدرته واحتقار الدنيا وزهراتها ومعرفة الجنة ودرجاتها ومعرفة النار وودركاتها والانقطاع عن غر الحق وتفريغ القلب له.
وبالجملة إدمان التفكر عبادة وأصل لجميع العبادات فهو أفضلها، وليس المراد التفكر في حقيقة ذاته وحقيقة قدرته وسائر صفاته إذا معرفتها خارجة عن قدرة البشر ولا يصل إليها العقل والتفكر، وكان التفكر فيها مؤديا إلى الضلال المبين والالحاد في الدين بل المراد به التفكر في وضع صنع الله وآثار قدرته فإن التفكر فيها وفي عظمتها يدل على عظمة الصانع والحق وكمال قدرته، ومما يدل على ذلك ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إياكم والتفكر في الله ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه» وما رواه حسين بن المياح عن أبيه قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «من نظر في الله كيف هو هلك».
بالجملة: التفكر على قسمين: تفكر في الحق، وتفكر في الحق، وتفكر في الخلق، والعبد ممنوع من الأول ومندوب إلى الثاني. قال الله تعالى: (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض - الآية».
* الأصل 4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم. إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل.
* الشرح قوله: (إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل) الحصر إضافي بالنسبة إلى غير المتفكر أو حقيقي لأن العبادة كلها تابعة للتفكر فلا توجد عبادة بدونه فإن من تفكر أبصر الحق وطرقه الموصلة إليه وهانت الدنيا وما فيها عنده لما رأى من كثرة انقلابها على أهلها وعدم الوفاء لهم فيحصل له كما الميل إلى المولى الحق وغاية الخشوع والطاعة له والشوق إلى لقائه لعلمه بأن الوصول إلى الدرجة العليا، والبلوغ إلى السعادة العظمى، والتخلص عن أهوال العقبى، والتقرب إلى مقام الزلفى إنما يحصل بترك الدنيا والتزام العبادة والتقوى فيصرف نفسه عن ميدان الطغيان ويجريها في مضمار الطاعة ومرضات الرحمن، ويقدم لنفسه ما ينفعه في دار الجنان والتوفيق من الله الملك المنان.
* الأصل 5 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: [إن] التفكر يدعوا إلى البر والعمل به.