(مداريا) المدارة الملاطفة والملاينة مع الناس وترك مجادلتهم ومناقشتهم.
(صدوقا وفيا) أي دائم الصدق والوفاء، والصدق ملكة تحصل عن لزوم الأقوال المطابقة، والوفاء ملكة تنشأ عن لزوم العهد والأمانة والبقاء عليه وهما فضيلتان داخلتان تحت العفة متلازمتان، وكذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الوفاء توأم الصدق ولما كان التوأم هو الولد المقارن لولد آخر في بطن واحد شبه به الوفاء لمقارنته الصدق تحت العفة، وفي هذا الحديث تحريص على محبة الموصوف بالصفات المذكورة فيه واختيار مصاحبته. فإنه دليل إلى سبيل الخيرات ومرشد إلى طرق النجاة ولكن وجدانه متعسر فإن الجاهل قد يدلس فلابد للطالب من حزم وتجسس لئلا يتخذ الجاهل مصاحبا ولا يقع في ويل الخذلان بعد الإيمان. وأعلم أن المكارم المذكورة في هذا الحديث اثنى عشرة كما في السابق ألا أن اليقين وحسن الخلق والمروءة المذكورة في السابق غير مذكورة في هذا الحديث، والورع والحياء والبر المذكورة في هذا الحديث غير مذكورة في السابق. والورع هو الكف عن المحرمات والمشتبهات بل عن المباحات أيضا والبر هو الإحسان بالوالدين والأقربين بل بالناس أجمعين وقد يطلق على الأعمال الصالحة والخيرات كلها.
* الأصل 4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز وجل ارتضى لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبة بالسخاء وحسن الخلق».
* الشرح قوله: (فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق) فإنهما يوجبان كما الدين وقراره كما أن البخل وسوء الخلق يوجبان نقصانه وفراره. فالدين كالمصاحب أن راعيته قر وإن آذيته فر.
* الأصل 5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الإيمان أربعة أركان: الرضا بقضاء الله والتوكل على الله وتفويض الأمر إلى الله والتسليم لأمر الله.