المسبوق يستلزم لحوق المسبوق به أو تقدمه عليه بالاعتبارين كما أشرنا إليه أشار هنا إلى نفي التالي فيهما باثبات نقيض الشرط بحكم الله تعالى إذ نقيضه وهو ثبوت الفضل للسابق يستلزم عدم اللحوق والتقدم وهو ظاهر.
قوله: (لأنا نجد من المؤمنين) كأنه بيان للشرطية الثانية وتوجيه لمضمونها وحاصله أنا نجد من آخر هذه الأمة من هو أكثر عملا وعبادة من أولها فلو لم يكن للسابق إلى الإيمان والتصديق وأعلا درجاتها المبتنية على اليقين والرضا والعلم والحكم وتخلية النفس عنم الرذائل وتحليتها بالفضائل فضل على المسبوق لكان المسبوق بسبب كثرة العمل واتصافه بها مقدما، ولكن هذا باطل، لأن الله عز وجل أبي أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها ويلحق صاحب الآخر بصاحب الأول وكذا أبي أن يقدم في درجات الإيمان من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله بل كل في درجته لا يقدم ولا يؤخر فقوله «ولكن أبي الله» إشارة إلى بطلان التالي تأكيدا لما مر، وفيه سر لا يخفى وهو أنه إذا كان اللاحق في الإيمان مع كثرة العمل غير لاحق بالسابق إليه ولا مقدم عليه مع قلة عمله كان تقديم الغاصب الأول المنتحل لأسم الخلافة مع تأخره في الإيمان على تقدير تسلم إيمانه، ومع قلة عمله على العالم الرباني والمؤمن الوحداني علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع تقدمه إلى الإيمان وسبقه إلى أعلى مراتبه وكثرة عمله باتفاق الخاصة والعامة باطلا بالضرورة.
قوله: (قلت أخبرني عما ندب الله عز وجل) لما دل كلامه (عليه السلام) سابقا على أنه تعالى طلب منهم الاستباق إلى الإيمان ودعاهم إليه سأله الزبيري عن موضع من القرآن يدل عليه.
قوله: (سابقوا إلى مغفرة) أي سارعوا مسارعة السابقين في المضمار إلى سبب مغفرة من ربكم من الأعمال الصالحة الموافقة لمقتضى النواميس الإلهية والكمالات النفسانية، وأعظم تلك الأعمال هو الإيمان الكامل البالغ إلى النهاية المتوقف على جميع الكمالات النفسانية.
قوله: (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) قال الفاضل الأردبيلي كنى بالعرض عن مطلق المقدار وهو متعارف ونقل على ذلك الأشعار في مجمع البيان وأنه لما علم أن عرضه الذي هو أقل من الطول عرفا في غير المتساوي علم أن طوله أيضا يكون أما أكثر أو مثله، وقال القاضي ذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريق التمثيل لأنه دون الطول وعن ابن عباس أنها كسبع سماوات وسبع أرضين ولو وصل بعضها وظاهر الآية وجب المسارعة أو رجحانها إلى الطاعة الموجبة للدخول في الجوة وأعظمها الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والترقي إلى مقاماته العالية.
قوله: (أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله) ظاهر هذا الآية وغيرها من الآيات والروايات أن