بحسب الدرجات أو بحسب الوجود والأزمان كالصحابة والتابعين إلى يوم الدين فكما أن في عصرنا هذا يقع التفاضل بعلو الدرجة في الإيمان والعلم تخلية النفس عن الرذائل وتخليتها بالفضائل حتى أن من قدم المفضول على الفاضل ورجحه عليه، كان رأيه ضعيفا وعقله خفيفا كذلك في أوائل هذه الأمة، ومن هذا يظهر أن تقديم العجل على علي (عليه السلام) كان باطلا ولعل الغرض الأصلي من هذا الحديث هو التنبيه عليه وإن كان ظاهره أعم.
قوله: (ولو لم يكن للساق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمة أولها) أي للحق آخر هذه الأمة بحسب درجات الإيمان أولها بحسبها فيساويهم في الدرجة أو للحق آخر هذه الأمة بحسب الأزمان كالتابعين ومن بعدهم أول هذه الأمة بحسبها كالصحابة من المهاجرين والأنصار، وذلك لأنه إذا سقط اعتبار السبق لزم التساوي والاشتراك في الدرجة.
قوله: (نعم ولتقدموهم) «نعم» تصديق لمضمون الشرطية المذكورة وتمهيد لشرطية اخرى أفخم من الاولى، وتصديق لمضمونها أيضا أي إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على ما أبطأ عنه لتقدم آخر هذه الأمة بحسب ما ذكر أول هذه الأمة بحسبه فقوله «لتقدموهم» جزاء الشرط على تقدير جواز تقديمه، أو دليل على جزائه المحذوف على تقدير عم جوازه وبناء الشريطة الاولى على عدم تكثر العمل في آخر هذه الأمة وبناء هذه الشرطية على اعتباره فيهم، ووجه الشرطية أن السبق إلى الإيمان إذا لم يكن له مدخل في الترجيح لزم تقدم الآخر مع زيادة العمل وتكثره لاختصاصه بهذا المزية، وأعلم أن المراد بالإيمان أما نفس التصديق أو التصديق مع العمل ولكن واحد منهما درجات ومنازل بعضها فوق بعض وآخرها غاية الكمال للبشر كمرتبة عين اليقين أو أعلى منها وصرف جيمع الجوارح في جميع الأوقات في جميع ما خلقت له ثم المراد بالمسابقة إليه أما المسابقة إلى درجاته ومنازله وطلب الأعلى فالأعلى إلى غايتها وهي بزيادة العلم والعمل، أو المسابقة إلى أصله وهي السبق الزماني على سبيل منع الخلو، والأول في الموضعين أولى من الأخير نظرا إلى ظاهر الحديث فمن اجتمع فيه المسابقة بالمعنيين كأمير المؤمنين (عليه السلام) فهو الكامل مطلقا والسابق على الإطلاق ومن انتفى عنه الأمران هو الناقص للاحق مطلقا ومن له سبق الزمان إلى الإيمان مع انتفاء الزيادة عنهما أو بالعكس فهو السابق وأعلى درجة وأما إذا تعارض الأمران بأن يكون لأحدهما سبق الزمان وللآخر زيادة العمل فظاهر هذا الحديث أن السابق زمانا أفضل وأعلى درجة من الآخر، وتخصيص ذلك بالصحابي محتمل لأن السابق أعون للنبي من اللاحق والتعميم أظهر والله أعلم.
قوله: (ولكن بدرجات الإيمان) لما كان الشرط في القضيتين هو عدم الفضل للسابق على