من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة صادقين في المشبه به كاذبين في المشبه، ومجمل قولهم في حقيقتهما أن الإيمان محض إقرار اللسان بالشهادتين وما جاء به الرسول، والكفر مقابل له وهو إنكاره شيئا من ذلك وبذلك بنوا أن الكافر عندنا كافر عند الله تعالى وكذا المؤمن عندنا مؤمن عنده تعالى وهو ظاهر بناء على أصلهم، والسائل سأل عن صحة ذلك وبطلانه فأجاب (عليه السلام) بأنه باطل لبطلان أصلهم، وذلك لأن الإيمان عبارة عن التصديق والإقرار والعمل، والكفر إنكار شيء من ذلك وإذا كان كذلك كان الكافر عندا بترك واحد من الامور المذكورة كافرا عند الله تعالى، وأما المؤمن عندنا وهو المتصف بالامور الثلاثة أما بالأخيرين فقطعا وأما بالأول فظنا لدلالتهما عليه دلالة غير قطعية لأن العقل يجوز عدمه تجويزا مرجوعا فلا يلزم أن يكون مؤمنا عند الله تعالى لجوز أن يكون مقرا عامله غير مصدق والله سبحانه عالم بعدم تصديقه فهو مؤمن عندنا تجري عليه أحكام الإيمان وكافر عند الله تعالى.
قوله: (والكفر إقرار) أي الكفر من العبد على نفسه بعدم الإيمان، فلا يكلف بعد إقراره بينة على المقر به وهو عدم الإيمان كما في سائر أقارير العقلاء على أنفسهم بل الإقرار بعدم الإيمان أولى بعم التكليف لأن كل إقرار غيره يجوز العقل عدم تحقق المقر به في نفس الأمر بخلاف الإقرار بالكفر فإنه عبارة عن إنكار شيء من أجزاء الإيمان وتركه هو عين الكفر، فلا يحتاج إلى بينة قطعا بخلاف الإيمان فإنه دعوى لثبوته له، ولا يجوز ذلك ولا يثبت إلا ببينة كما في سائر الدعاوي وبينته عمله المتعلق باللسان والجوارح، ونيته المتعلقة بالقلب وهي التصديق فإذا اتفق العمل والنية شهد شاهدا عدل فالعبد عند الله مؤمن، وإن اختلفا بأن يشهد العمل دون النية فهو ليس بمؤمن عند الله تعالى ومؤمن عندنا لأنا نحكم بظاهره على باطنه فنحكم بأنه مؤمن مصدق حكما ظنيا غالبا فقولهم بأن كل مؤمن عندنا مؤمن عند الله باطل. وأما قولهم الكافر عندنا كافر عند الله فهو صحيح إذا الكفر موجود بانتفاء كل جهة من هذه الجهات الثلاثة المعتبرة في الإيمان وجودا من نية وتصديق أو قول باللسان أو عمل بالجوارح يعني يتحقق الكفر بانتفاء واحد من هذه الثلاثة فمن انتفى منه واحد منها وعلمنا ذلك فهو كافر عندنا كما هو كافر عند الله تعالى وأما إذا لم