شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٢٥
الجنة مخلوقة الآن وكذا النار قال الفاضل المذكور: قول به الأصحاب وصرح به الشيخ المفيد في بعض رسائله وقال أن الجنة مخلوقة مسكونة سكنتها الملائكة وظاهر الآية أنها في السماء والظاهر أن المراد به أنه يكون بعضها في السماء ويكون البعض الآخر فوقها أو يكون أبوابها فيها أو فوق الكل وما ذكره الحكماء من «أن السماء لا تقبل الخرق والالتيام وأن فوقها لا خلاء ولا ملاء» غير مسموع شرعا (1) قالوه انتهى كلامه أعلى الله مقامه، وقال القاضي فيه دلالة على أن الجنة مخلوقة وأنها خارجة عن هذا العالم (2) جماعة من المعتزلة إلى أنهما غير مخلوقين وإنما تخلقا يوم القيامة.

1 - قوله «ما ذكره الحكماء غير مسموع شرعا» ما ذكر الحكماء يعني امتناع الخرق على الفلك مما لم يدل عليه عقلي ولم يبينوه ببرهان تعليمي كما هو دأبهم في الفلكيات اعترف بذلك المنصفون منهم وصرحوا بأن الدليل خاص بمحدد الجهات وعلى فرض صحته فلا يوجب عبور الملائكة والأجسام الأخروية خرقا كما لا يجوب دخول الملائكة في القبور نبشا وفي البيوت خراب الجدار والبحث الذي أورده الشارح بحث طويل جدا لا يمكن حق أدائه في هذا الموضع ولا يناسب فيه إلا إشارة مختصرة.
فنقول أولا الحق أن الجنة والنار موجودتان فعلا وأن خالف فيه جماعة من المسلمين وربما ينسب إلى السيد الرضى (رضي الله عنه).
وثانيا بناء على وجودهما فعلا فالحق أن مكان الجنة في السماوات أو فوقها ومكان النار تحت الأرض أو تحت البحر.
ثالثا أن أحكام الأجسام الدنيوية المبنية على التجربيات والعادات غير جارية في الأجسام الاخروية ولا يجوز التشكيك في وجود الجنة والنار أو في مكانهما بعدم إمكان جريان أحكام الأجسام الدنيوية عليها، لأن التجربة خاصة بالدنيوية منها مثلا إذا قيل كيف يرتفع الصلحاء من الأرض وكيف يصعدون إلى السماء يوم القيامة ولم يرد في رواية أو آية ذكر صعودهم وآلة صعودهم وإن إلا بدان مائلة إلى الأرض لجاذبيتها وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكثيرا من خواص أصحابه وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) كيف رأوا أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار مع هذه المسافة البعيدة بين الأرض إلى السماوات وحيلولة الأرض بين الأبصار وبين جهنم وكيف يفتح من الجنة التي في السماء باب إلى قبور الصالحين وكيف يرى ذلك صاحب القبر مع كونه ميتا ولا يراه الناس مع كونهم أحياء وأمثال ذلك كثيرة مما دعا المعتزلة إلى إنكار أصل وجودهما فعلا وما يتفرع عليه.
وجواب ذلك وأمثاله أن حكم الآخرة غير حكم الدنيا فإنه عالم آخر لا يقاس ما فيه بما في هذا العالم ولا يمتنع هناك الاتصال من بعيده والرؤية مع الفاصلة والعبور من الموانع والحواجب العنصرية كما يدخل الملائكة في القبور ويغير نبش وتجوز الأفلاك بغير خرق وفي بين لا خرق فيه لقبض روح المحصورين فيه ولتفصيل ذلك مجال واسع في موضعه إن شاء الله. (ش) 2 - قوله «وأنما خارجة عن هذا العالم» لأن الجنة أوسع من عالم الأجسام بسماواتها وأرضها لأن عرضها السماوات والأرض فكيف يكون في موضع منه. (ش)
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست