والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز وجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز وجل:
(تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات - إلى آخر الآية -) وقال: (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) وقال: (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخره أكبر درجات وأكبر تفضيلا) وقال: (هم درجات عند الله) وقال: (ويؤت كل ذي فضله) وقال: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) وقال: (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة) وقال: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) وقال: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات) وقال: ( ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا: إلا كتب لهم به عمل صالح) وقال: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) وقال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) فهذا ذكر درجات الإيمان ومنازله عند الله عز وجل.
* الشرح قوله: (قال إن الله سبق بين المؤمنين) أي قرر السبق وقدره بين المؤمنين في الإيمان نديهم إليه كما يسبق بين الخيل يوم الرهان فمنهم في المقام الأدنى وهو مقام بتحقيق فيه المسبوقية دون السابقة، ومنهم في المقام الأعلى وهو مقام يتحقق فيه السباقة دون المسبوقة وهو مقام خاتم الأنبياء، وبين المقامين مقامات غير محصورة يجتمع فيها السابقية والمسبوقية باعتبارين، والتشبيه من باب تشبيه المعقول بالمحسوس لقصد الايضاح.
قوله: (فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه) المراد بجعله عليها أعطاؤه المقرر له في تلك الدرجة من الاجر والثواب والتقرب من غير أن ينقص من حقوقه فيها، وفي الاقتصار بنفي النقص دون الزيادة ايماء إلى جوازها من باب التفضل وإن لم يستحق.
قوله: (ولا يتقدم مسبوق سابقا) كما أن المسبوق في المشبه به لا يتقدم سابقا لعدم وسعه ذلك ، وللزوم خلاف الفرض كذلك المسبوق في المشبه لا يتقدم سابقا في الكمال والمنزلة والاجر والتقرب لأنه تعالى حكيم عدل لا يجوز، بل يضع كلا في موضعه.
قوله: (تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها) ذلك إشارة إلى السبق والأوائل والأواخر أما