قوله: (فإنها من النظر) لما كان النظر إلى العورة مع قبحه مثيرا للشهوة والفساد غالبا حرم النظر إليها وأوجب حفظها عنه ودفعا للفساد.
قوله: (ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية أخرى) فيه أن الفروض القلبية واللسانية غير مندرجة في الآية الأولى والفروض اللسانية في الآية الثانية ويمكن ان يقال يفهم ذلك من قوله «يستترون أن يشهد عليكم» ومن قوله (ولا تقف ما ليس لك به علم» فان استتار الشيء عبارة عن اضماره في القلب وعدم اظهاره باللسان وعدم متابعة غير المعلوم عبارة عن عدم التصديق به وعدم اظهار العلم به باللسان والله أعلم.
قوله: (وما كنتم تستترون) قيل كنتم تستترون القبايح عند فعلكم إياها وما كنتم عالمين ولا ظانين بشهادة الجوارج على أنفسها فيدل على أنهم مكلفون بالفروع ولولاه لم يشهد على أنفسها.
وقيل لعل المراد بها أنكم ما كنتم لتستتروا وتدفعوا شهادتها على أنفسها بعدم فعل القبائح أو في القيامة بأن لا تشهد على أنفسها.
قوله: (يعني بالجلود: الفروج والافخاذ) قيل: هذا التفسير يدل على أن الافخاذ عورة يحرم النظر إليها كما هو مذهب بعض، وأن الفروج والافخاذ تشهد على فعلها وهو الزنا واللواط واللمس.
قوله: (إن السمع والبصر والفؤاد) قد فرض الله تعالى على هذه الأعضاء فرائض يحتج بها عليك ويسألك عن كل واحد يوم القيامة فيما صرفته أصرفته فيما خلق لأجله أو في غيره، فوجب أن لا تستعمله في محرم لأنه يشهد عليك وعلى نفسه بما فعل من خير أو شر.
قوله: (إلى ما حرم الله) مثل القتل والضرب والنهب والسرقة وكتابة والكذب والظلم ونحوها.
قوله: (وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم) إذ إيصال الصدقة إلى الفقراء وإيصال الخير إلى الأقرباء والضرب والبطش والشد في الجهاد والطهور للصلاة بغسل اليدين ومسح الرأس والرجلين من فروض اليد واستشهد للطهور والجهاد بالآيتين ويفهم منه وجوب استعمال اليد في غسل الوجه وهو أما لأنه الفرد الغالب أو لأن فرد الواجب التخييري أيضا واجب وإن كان التخصص ببعض الأفراد مستحبا.
قوله: (فضرب الرقال) ضرب الرقاب عبارة عن القتل بضرب العنق وأصله فاضربوا الرقاب ضربا حذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وأضيف إلى المفعول، والاثخان اكثار القتل أو الجراح بحيث لا يقدر على النهوض، والوثاق بالفتح والكسر ما يوثق به وشده كناية عن الأسر، ومنا وفداء مفعول مطلق لفعل محذوف أي فأما تمنون منا وأما تفدون فداء وأوزار الحرب آلاتها مثل السيف والسنان وغيرهما والمروى ومذهب الأصحاب أن الأسير ان أخذ والحرب قائمة تعين فتله أما