أي يشهد الكتاب للإيمان بأنه عمل، هذا الذي ذكرناه من باب الاحتمال وألله أعلم بحقيقة كلام وليه.
قوله: (الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل) إشارة إلى أن للإيمان مراتب متكثرة وهي حالات للإنسان باعتبار قيامها به ودرجات باعتبار ترقيه من بعضها إلى بعض ومنه يظهر سر ما روي من «أن الإيمان بعضه من بعض» وطبقات باعتبار تفاوت مراتبها في نفسها وكون بعضها فوق بعض ومنازل باعتبار أن الإنسان ينزل فيها ويأوي إليها فمنه التام المنتهى تمامه كايمان الأنبياء والأوصياء ومنه الناقص البين نقصانه وهو أدني المراتب الذي دونه الكفر ومنه الراحج الزائد رجحانه وهو على مراتب غير محصورة باعتبار التفاوت في الكمية والكيفية وإلى هذه الأقسام أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله «فمن الإيمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور إلى أجل معلوم» قسم الإيمان إلى قسمين لأن الإيمان إن بلغ حد الكمال فهو القسم الأول وإلا فهو القسم الثاني، استعار له لفظ العواري باعتبار كونه في معرض الزوال كالعواري وكنى بكونه بين القلوب والصدور عن كونه مترددا غير مستقر ولا متمكن في جوهر النفس.
والقسمان الأخيران هنا أعنى الناقص والراجح داخلان في العواري. والله هو الموفق الهداية ومنه البداية والنهاية.
قوله: (قلت إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد) لا وجه لسؤاله بعد ما عرف أن للإيمان درجات وأنه عمل إذ لا ريب في أن العمل يقبل الزيادة والنقصان وكأنه طلب زيادة التقرير والتوضيح ليعرف حقيقة الحال أو ظن أن المراد بالعمل عمل مخصوص أن نقص انتقى الإيمان وإن زاد لم يكن للزيادة مدخل فيه، فأجاب (عليه السلام) بقول نعم تصديقا لذلك وتصريحا بأن جنس الأعمال أنواعه متكثرة يزداد الإيمان باعتبارها وينقص، قال المحقق الطوي: الإيمان في اللغة التصديق وفي العرف التصديق المخصوص وهو التصديق بالله وبرسوله وبما ثبت أنه جاء به الرسول هذا القدر من الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان إذ إلا نقص منه ليس بإيمان والزائد لا مدخل له فيه بل في كماله، ومن علاماته الإتيان بالصالحات وترك المنهيات وبهذا الاعتبار بتحقيق فيه الزيادة والنقصان.
قوله: (وقسمه عليها وفرقة فيها) هذه القسمة أما قسمة الكلى على جزئياته أو قسمة الكل على أجزائه والأول قريب من الشكر بالمعنى اللغوي، الثاني من الشكر بالمعني العرفي.
قوله: (فمنهما قلبه الذي به يعقل ألخ) المراد بالقلب الروح والعقل والنفس الناطقة