به ورأسه الذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغيرما وكلت به أختها، بفرض من الله تبارك اسمه، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله عز وجل (إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا) قال:
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وقال: (الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) وقال: (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) فلذلك ما فرض الله عز وجل على القلب والتعبير عن القلب من الإقرار والمعرفة وهو رأس الإيمان، وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه، وأقربه، قال الله تبارك وتعالى (وقولوا وما للناس حسنا) وقال: (قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله، وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه والاصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل فقال في ذلك: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يفكر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال: (وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين). فقال: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله وأولئك هم أولوا الأباب) وقال عز وجل: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هو للزكاة فاعلون) وقال: (إذا سمعوا اللغو، أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) وقال: (وإذا مروا باللغو مروا كراما) فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغى إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان، وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه، مما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان، فقال تبارك وتعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أنه ينظر إليه وقال: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) من أن تنظر إحديهن إلى فرج