هذا الحديث مروي في كتاب التوحيد (1) عن محمد بن يعقوب (رحمه الله)، ومع هذا هو هناك على خلاف ما هو هنا، فإنه في كتاب التوحيد روى مكان " حكم الله عز وجل أن لا يقوم له أحد من خلقه بحقه فلما حكم بذلك " (2): " فلما علم ". وروى أيضا مكان " ومنعهم إطاقة القبول ": " ولم يمنعهم إطاقة القبول منه ". وروى مكان " ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه ": " وإن قدروا لأن يأتوا حالا تنحيهم عن عذابه " (3) بالحاء لا بالجيم، فما في كتاب التوحيد مستقيم الظاهر لا يحتاج إلى تأويل أصلا، أما ما في الكتاب فلابد فيه من حمل " حكم " في الموضعين على معنى " علم " مجازا مرسلا من باب استعمال المسبب في السبب. وجعل " ومنعهم إطاقة القبول منه " بمعنى حرمهم اللطف المؤدي إلى إطاقة القبول، مجاز مرسل أيضا كالأول. وجعل قوله:
" ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم "، بمعنى ولم يلطف بهم فيقدروا أن يأتوا حالا، أي سلبهم اللطف لما علم من أعمالهم القبيحة وأفعالهم الشنيعة.
فإن قلت: اللطف عندكم واجب على الله تعالى فكيف سلبه بعض عباده.
قلت: أصول اللطف من الإقدار والتمكين مما هو واجب لم يمنعه أحدا، وإنما عنينا به حالة وراء ذلك وهي التي عناها سبحانه بقوله: (و الذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (4) وهذه الحالة قد يعبر عنها بالتوفيق أيضا، هذا ومعنى قوله (عليه السلام): " ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله " [أي] (5) إنه تعالى لما علم منهم أنهم لا يأتون بحقه، كما هو أهله، وضع عنهم ثقل ذلك ولم يكلفهم به، أي لم يكلفهم ثقل العمل بحقيقة ما خلقوا لأجله، وما هم أهل له، أي ولاته، فإن ولاة كل أمر أهله. وقوله في آخر