باب البيان والتعريف ولزوم الحجة قوله: المعرفة من صنع من هي؟ [ص 163 ح 2] أي معرفة ما يجب وما يحرم وما يجوز وغيرهما من الأحكام، وأما معرفة البارئ سبحانه فلو كانت من الله لزم الجبر، إلا أن يقول: إنها منه بمعنى أنه أقام لنا الدليل عليها.
قوله تعالى: ليضل قوما [ص 163 ح 3] المراد بالإضلال في مثل هذا الموضع سلب اللطف بعد منحهم إياه، لصدور ما لا يرضاه عنهم، فإنه تعالى بعد ذلك لو منعهم ألطافه لم يكن مخلا بواجب؛ تعالى الله عن ذلك علوا كثيرا.
قوله: هل جعل في الناس أداة الخ [ص 163 ح 5] الظاهر أن المراد بالأداة هنا الحاسة، أي هل جعل الله في الناس حاسة ينالون بها المعرفة من البصر أو غيره، فقال (عليه السلام) " لا " وقوله: " فهل كلفوا المعرفة "، أي هل كلفهم الله سبحانه معرفته؟، فقال (عليه السلام): " لا "، أي لم يكلفهم بها كما كلف بغيرها من الأحكام بالأمر والطلب، فإنه يؤدي إلى الدور، وإنما كلف بها بنصب الدلائل عليها وخلق القوى التي بها تحصل المعرفة، وهو المراد بقوله (عليه السلام): " على الله البيان لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ".
هذا إذا جعل المراد من المعرفة معرفة الله سبحانه، وأما إذا جعل المراد منها معرفة الأحكام الشرعية كما أشرنا إليه سابقا فالمراد ظاهر؛ والله أعلم.
* قوله (عليه السلام): بنوافله [ص 163 ح 6] أي بزوائد ماله، أي بما يفضل عن مؤنته ومؤنة عياله.