بعد أن أسلم أجزأته صلاته. فان صلى في ظلمة متحريا ولم يسأل من بحضرته، ثم علم أنه صلى إلى غير القبلة أعاد. وهو فرق فاسد، لان التحري نوع من الاجتهاد * وقال مالك: من علم أنه صلى إلى غير القبلة، فإن كان مستدبرا لها أعاد وإن كان في الصلاة قطع وابتدأ. وإن كان منحرفا إلى شرق أو غرب لم يعد وبنى على ما صلى وانحرف. وهذا فرق فاسد، لأنه لا فرق عند أحد من الأمة في تعمد الانحراف عن القبلة أنه مبطل الصلاة، وكبيرة من الكبائر كالاستدبار لها ولا فرق. وأهل قباء كانوا مستدبرين إلى القبلة.
ولا نعلم هذا التفريق الذي فرقه أبو حنيفة ومالك عن أحد قبلهما * وقال الشافعي: من خفيت عليه الدلائل والمحبوس في الظلمة والأعمى الذي لا دليل له: يصلون إلى أي جهة أمكنهم، ويعيدون إذا قدروا على معرفة القبلة * قال على: وهذا خطأ لأنه إذا أمره بالصلاة لا يخلو من أن يكون أمرهم بصلاة تجزئ عنهم كما أمرهم الله بها، أو أمرهم بصلاة لا تجزئ عنهم ولا أمرهم الله تعالى بها، ولا سبيل إلى قسم ثالث. فإن كان أمرهم بصلاة تجزئ عنهم وبالتي أمرهم الله تعالى بها فلأي معنى يصلونها ثانية؟! وإن كان أمرهم بصلاة لا تجزئ عنهم ولا أمرهم الله تعالى بها فهذا أمر فاسد، ولا يحل لآمره الامر به، ولا للمأمور به الائتمار به * وقال أبو سليمان: تجزئهم على كل حال، ويبنون إذا عرفوا وهم في الصلاة، وقد ذكرنا الفرق آنفا * فان قال قائل: قد روى عن عبد الله بن عامر بن ربيعة (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة؟ فصلى كل رجل منا حياله، فأصبحنا، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى (فأينما تولوا