فرض ولا يصليها إلا بنية الفرض، فمن أصلكم الذي لم تختلفوا فيه: ان الفرض يصلى أبدا، ولا يسقط بخروج الوقت فيه، فهذا تناقض وهدم لاصلكم. وإن كانت تطوعا وتأمرونه بأن يدخل فيها بنية التطوع فان الفرض لا يجزئ بدل التطوع في الدنيا، ولا يحل لاحد أن يتعمد ترك الفرض ويصلى التطوع عوضا من الفرض، ولا يحل لاحد ان يفتيه بذلك بلا خلاف من أحد، بل هو خروج إلى الكفر بلا شك، وان قلتم: لا يصليها بنية فرض ولا تطوع كان هذا باطلا متيقنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فهذا لا عمل له، إذ لا نية له، ولا شئ له، فقد أمرتموه بالباطل الذي لا يحل * وأما الشافعي فإنه قال: يعيد أبدا في العمد والنسيان * قال علي: وهذا خطأ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، ولقول الله تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * وقال أبو حنيفة: من كانت النجاسة في موضع قدميه في الصلاة وكانت أكثر من الدرهم البغلي أي نجاسة: بطلت صلاته عامدا كان أو ناسيا فإن كانت قدر الدرهم البغلي فأقل، فصلاته تامة في العمد والنسيان فإن كانت أكثر من قدر الدرهم البغلي، وكانت في موضع وضع يديه أو في موضع وضع ركبتيه أو حذاء إبطيه: فصلاته تامة في العمد والنسيان.
واختلف عنه إذا كانت في موضع وقوع جبهته في السجود، فمرة قال:
صلاته تامة في العمد والنسيان، ومرة قال: صلاته باطلة في العمد والنسيان، وبه يقول زفر، وقال أبو يوسف كذلك في كل ما ذكرنا، إلا أنه قال: إن كانت في موضع سجوده فسدت تلك السجدة وحدها خاصة وكأنه لم يسجدها وان سجدها ما دام في صلاته تمت صلاته وإن لم يسجدها