وأما قولنا: وإن بقي عريانا، فلانه قد اجتمع عليه فرضان أحدهما ستر العورة، والثاني اجتناب ما أمر باجتنابه، ولا بد له من أحدهما، فان صلى غير مجتنب لما أمر باجتنابه فقد تعمد في صلاته عملا محرما عليه، فلم يصل كما أمر، فلا صلاة له، وإذا لم يجد ثوبا أمر بالاستتار بمثله، فهو غير قادر على الاستتار، ولا حرج على المرء فيما لا يقدر عليه، قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وقال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). وليس المرء مضطرا إلى لباس ثوب يقدر على خلعه، ولا إلى البقاء في مكان يقدر على مفارقته، وهو مضطر إلى التعري إذا لم يجد ما أبيح له لباسه، فان خشي البرد فهو حينئذ مضطر إلى ما يطرد عن نفسه، فيصلى به ولا شئ عليه، لأنه مباح له حينئذ * وأما قولنا: ان نسي حتى عمل عملا مفترضا عليه في صلاته ألغاه وأتم الصلاة وأتي بذلك العمل كما أمر، وإن كان بعد أن سلم، ما لم تنتقض طهارته. فلما قد ذكرناه من سقوط ما نسيه المرء في صلاته، وان ذلك لا يبطل صلاته، ولقول الله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) ولما سنذكره من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سها في صلاته فزاد أو نقص) بأن يتم صلاته ويسجد للسهو، وهذا قد زاد في صلاته ساهيا ما لو تعمده لبطلت صلاته * وأما قولنا: ان انتقضت طهارته أعادها أبدا متي ذكر. فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) وبعض الصلاة صلاة عليه ففرض أن يصليها، وأن يأتي بما نسي، وبما لا يجزئ إذا ما نسي إلا به، من وضوء أو غسل أو ابتداء الصلاة
(٢٠٥)