وقال الشافعي في آخر قوليه (1) كقولنا، وهو قول الأوزاعي والليث بن سعد واختلف أصحابنا، فقالت طائفة: فرض على المأموم ان يقرأ أم القرآن في كل ركعة أسر الامام أو جهر وقالت طائفة: هذا فرض عليه فيما أسر فيه الامام خاصة، ولا يقرأ فيما جهر فيه الامام. ولم يختلفوا في وجوب قراءة أم القرآن فرضا في كل ركعة على الامام والمنفرد * قال علي: احتج من لم ير أم القرآن فرضا بقول الله تعالى (فاقرؤا ما تيسر من القرآن) وبتعليم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للذي أمره بالإعادة فقال له (اقرأ ما تيسر معك من القرآن * قال علي: حديث عبادة يبين هذا الخبر الآخر، وأن المراد بايجاب قراءته ما تيسر من القرآن هو أم القرآن فقط. وكأن من غلب حديث عبادة قد أخذ بالآية وبالاخبار كلها، لان أم القرآن مما تيسر من القرآن. وكأن من غلب قوله عليه السلام (فاقرأ ما تيسر معك من القرآن) قد خالف حديث عبادة، وأجاز صلاة أبطلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذا لا يجوز، لا سيما تقسيم أبي حنيفة بين اجازته قراءة آية طويلة أو ثلاث آيات ومنعه مما دونها، فهذا قول ما حفظ عن أحد قبله، ولا على صحته دليل، وهو خلاف للقرآن ولجميع الآثار. وله قول آخر: ان ما قرأ من القرآن أجزأه * واحتج من رأى أن لا يقرأ المأموم خلف الامام الجاهر بقول الله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * قال علي: وتمام الآية حجة عليهم، لان الله قال (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) * قال علي: فإن كان أول الآية في الصلاة فآخرها في الصلاة، وإن كان آخرها ليس في الصلاة فأولها ليس في الصلاة، وليس فيها الا الامر بالذكر سرا وترك الجهر فقط، وهكذا نقول * وذكروا حديث ابن أكيمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مالي أنازع (2) القرآن) وفيه من قول الزهري: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله تعالى
(٢٣٩)