تقع عن حجة الاسلام عن نفسه، لان أقل ما تقع بإطلاق النية وهو قد صرفها عنه في النية وفي نظر. اه. كلامه. والظاهر أن وجه النظر ما قررناه من أنه حيث تحققت المخالفة، ووقعت عن نفسه بطل صرف النية فتجزئه عن حجة الاسلام، فقوله في البحر فيما مر: تقع عن المأمور نفلا ولا تجزئه عن حجة الاسلام، فيه نظر، وقد صرح الباقاني في شرح الملتقى، وتبعه الشارح في شرحه عليه أيضا بأنه يخرج بها عن حجة الاسلام، فهذا ما تحرر لي، فافهم والسلام. قوله: (بخلاف ما لو أهل الخ) مرتبط بقوله: ومن حج عن آمريه وقوله: جاز جملة مستأنفة لبيان جهة المخالفة بين المسألتين، فإنه في الأولى لا يجوز والثانية بخلافها، لكن الجواز هنا مشروط بما إذا لم يأمره بالحج، وقوله:
عن أبويه أو غيرهما تنبيه على أن ذكر الأبوين في الكنز وغيره ليس بقيد احترازي، وإنما فائدته الإشارة إلى أن الولد يندب له ذلك جدا كما في النهر، وبه علم أن التقييد بالأبوين في هذه المسألة لا يدل على أن المراد بالآمرين في التي قبلها الأجنبيان، بل الأبوان إذا أمراه فحكمهما كالأجنبيين كما قدمناه عن الفتح، فظهر أنه لا فرق بين الأبوين والأجنبيين في المسألتين وإنما العبرة للامر وعدمه: أي صريحا كما يظهر قريبا، فإذا أحرم بحجة عن اثنين أمره كل منهما بأن يحج عنه وقع عنه ولا يقدر على جعله لأحدهما، وإن أحرم عنهما بغير أمرهما صح جعله لأحدهما أو لكل منهما، وكذا لو أحرم عن أحدهما مبهما يصح تعيينه بعد ذلك بالأولى كما في الفتح، قال: ومبناه على أن نيته لهما تلغو لعدم الامر، فهو متبرع فتقع الأعمال عنه البتة. وإنما يجعل لهما الثواب وترتبه بعد الأداء فتلغو نيته قبله، فيصح جعله بعد ذلك لأحدهما أو لهما.
ولا أشكال في ذلك إذ كان متنفلا عنهما، فإن كان على أحدهما حج الفرض وأوصى به لا يسقط عنه بتبرع الوارث عنه بمال نفسه، وإن لم يوص به فتبرع الوارث عوه بالاحجاج أو الحج بنفسه، قال أبو حنيفة: يجزيه إن شاء الله تعالى لقوله (ص) للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين الحديث انتهى. وبهذا ظهر فائدة أخرى للتقييد بالأبوين في هذه المسألة، وهي سقوط الفرض عن الذي عينه له بعد الابهام لو بدون وصية، لكن يشكل عليه أنه إذا لغت نيته لهما لعدم الامر ووقعت الأعمال عنه البتة كيف يصح تحويلها إلى أحدهما؟ وقد مر أن الحج إذا وقع عن المأمور لا يمكن تحويله بعد ذلك إلى الآمر، نعم يمكن تحويل الثواب فقط للنص كما مر، ولهذا والله أعلم قال في الفتح: ولا إشكال في ذلك إذا كان متنفلا عنهما: أي لان غاية حال المتنفل أن يجعل ثواب عمله لغيره وهو صحيح. أما وقوع عمله عن فرض الغير بغير أمره فهو مشكل. والجواب ما مر في كلام الشارح من أن الوارث إذا حج أو أحج عن مورثه جاز لوجود الامر دلالة: أي فكأنه مأمور من جهته بذلك، وعليه فتقع الأعمال عن الميت لا عن العامل، فقوله في الفتح: ومبناه على أن نيته لهما تلغو الخ، مخصوص بما إذا لم يكن عليهما فرض لم يوصيا به، وقدمنا عن البدائع تعليله بالنص أيضا وهو ما علمته من حديث الخثعمية، وبهذا فارق الوارث الأجنبي، لكن قدمنا عن شرح اللباب عن الكرماني والسروجي أن الأجنبي كذلك، نعم هذا مخالف لاشتراط الامر في الحج عن الغير، والأجنبي غير مأمور لا صريحا ولا دلالة، وقدمنا الجواب بأنه مبني على اختلاف الرواية في هذا الشرط والمشهور اشتراطه، وحيث علم وجوده في الوارث دلالة ظهر لاقتصار الكنز وغيره على الأبوين. فائدة ثالثة، وهي أن الامر دلالة ليس له حكم الامر حقيقة من كل وجه لما علمت من أن