المدفوع إلى مهدي الباكورة كذلك فينبغي اعتبار النية، ونظيره ما مر في أول في كتاب الزكاة فيما لو دفع إلى من قضى عليه بنفقته من أنه لا يجزيه عن الزكاة إن احتسبه من النفقة، وإن احتسبه من الزكاة يجزيه، وقيل لا كما في التاترخانية، لكن فيها أيضا قال محمد: إذا هلكت الوديعة في يد المودع وأدى إلى صاحبها ضمانها ونوى عن زكاة ماله قال: إن أدى لدفع الخصومة لا تجزيه عن الزكاة اه فتأمل. وفيها من صدقة الفطر لو دفعها إلى الطبال الذي يوقظهم في السحر يجوز لان ذلك غير واجب عليه، وقد قال مشايخنا: الأحوط والابعد عن الشبهة أن يقدم إليه أولا ما يكون هدية ثم يدفع إليه الحنطة. قوله: (جاز) ويكون تمليكا لهم والنية سابقة عند العزل، وكذا إذا لم ينو ثم نوى بعد انتهابه وهو قائم في يد الفقراء كما تقدم نظيره.
قلت: وينبغي تقييده بما إذا كان الانتهاب برضاه لاشراط اختياره الدفع في الأموال الباطنة كما مر في مسألة البغاة، ويدل عليه المسألة الآتية. قوله: (إن كان يعرفه) أي يعرف شخصه لئلا يكون تمليكا لمجهول، لأنه إذا لم يعرفه بأن جاء إلى موضع المال فلم يجده وأخبره أحد بأنه رفعه فقير لا يعرفه ورضى المالك بذلك لم يصح، لأنه يكون إباحة والشرط في الزكاة التمليك. تأمل. قوله:
(والمال قائم) لأنه لو رضي بذلك بعد ما استهلك الفقير المال لم تصح نيته كما مر.
مطلب: الأفضل على أن ينوي بالصدقة جميع المؤمنين والمؤمنات خاتمة: اعلم أن الصدقة تستحب بفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه، وإن تصدق بما ينقص مؤنة من يمونه إثم، ومن أراد التصدق بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك، وإلا فلا يجوز، ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفقة نفسه عن الكفاية التامة، كذا في شرح درر البحار. وفي التاترخانية عن المحيط: الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شئ اه. والله تعالى أعلم.
باب صدقة الفطر وجه مناسبتها بالزكاة أن كلا منهما من الوظائف المالية، وأوردها في المبسوط بعد الصوم باعتبار ترتيب الوجود، وأوردها المصنف هنا رعاية لجانب الصدقة، ورجحه لان المقصود من الكلام المضاف لا المضاف إليه خصوصا إذا كان المضاف إليه شرطا، وحقها أن تقدم على العشر لأنه مؤنة فيها معنى العبادة وهذه بالعكس، إلا أنه ثبت بالكتاب وهي بخبر الواحد مع أنه من أنواع الزكاة، والمراد بالفطر: يومه لا الفطر اللغوي لأنه يكون في كل ليلة من رمضان، وسميت صدقة وهي العطية التي يراد بها المثوبة من الله تعالى لأنها تظهر صدق الرجل (1) كالصداق يظهر صدق الرجل في المرأة. معراج. قوله: (من إضافة الحكم لشرطه) المراد بالحكم وجوب الصدقة لأنه الحكم الشرعي فيكون على حذف مضاف، والمراد بالوجوب وجوب الأداء لأنه الذي شرطه الفطر