لو قضى الدين من مال نفسه ليرجع جاز. قال في البحر: ولو حج على أن لا يرجع فإنه لا يجوز عن الميت لأنه لم يحصل مقصود الميت وهو ثواب الانفاق اه.
قلت: وقدمنا أن الوارث ليس له الحج بمال الميت إلا أن تجيز الورثة وهم كبار، لان هذا مثل التبرع بالمال، فالظاهر تقييد حج الوارث هنا بذلك أيضا. تأمل. قوله: (إن لم يقل من مالي) في البحر عن آخر عمدة الفتاوى للصدر الشهيد: لو أوصى بأن يحج عنه بألف من ماله فأحج الوصي من مال نفسه ليرجع ليس له ذلك، لان الوصية باللفظ فيعتبر لفظ الموصي وهو أضاف المال إلى نفسه فلا يبدل اه قوله: (وكذا لو أحج لا ليرجع) أي إنه يجوز.
واستفيد منه أنه لو أحج ليرجع أنه يجوز بالأولى، وقد نص عليهما في الخانية حيث قال: إذا أوصى الرجل بأن يحج عنه فأحج الوارث رجلا من مال نفسه ليرجع في مال الميت جاز، وله أن يرجع في مال الميت، وكذا الزكاة والكفارة، ولو فعل ذلك الأجنبي لا يرجع، ولا أوصى بأن يحج عنه فأحج الوارث من مال نفسه لا ليرجع عليه جاز للميت عن حجة الاسلام اه. قال في شرح اللباب بعد نقله: وفيه بحث لا يخفى اه. أي لما مر من أنه يشترط في الحج عن الغير إذا كان بوصية الانفاق من مال المحجوج عنه احترازا عن التبرع كما مر بيانه، فتجويزه فيما لو أحج من ماله لا ليرجع مخالف لذلك، ولذا لم يجز فيما لو حج الوارث بنفسه لا ليرجع، ولا يظهر فرق بينهما، لما علمت من أن مقصود الميت بالوصية ثواب الانفاق من ماله، وهو حاصل فيما لو حج الوارث أو أحج عنه ليرجع دون ما إذا أنفق لا ليرجع فيهما.
واستشكل ذلك في (الشرنبلالية) أيضا، والتفرقة بأنه في الإحجاج قام الوارث مقام الميت في دفع المال، فكأن المأمور أنفق من مال الميت، بخلاف ما إذا حج الوارث بنفسه فإنه لم يحصل منه دفع المال، بل ما حصل منه إلا مجرد الافعال، فلم يجز ما لم ينو الرجوع في ماله غير ظاهرة، لان حجه بنفسه لا بد له من النفقة أيضا، فافهم. قوله: (ومن حج) أي أهل بحج لأنه يصير مخالفا بمجرد الاهلال بلا توقف على الأعمال. أفاده ح. قلت: أي في صورة المتن وإلا فقد لا يصير مخالفا إلا بالشروع كما سيظهر لك. قوله: (عن آمريه) أي لو كانا أبويه أو أجنبيين كما صرح به في الفتح، فقوله في البحر: شمل الأبوين وسيأتي إخراجهما، فيه نظر، لان الآتي في الاحرام عنهما بغير أمرهما، والكلام هنا في الاحرام عن الآمرين، فافهم. قوله: (وقع عنه) أي عن المأمور نفلا، ولا يجزئه عن حجة الاسلام. بحر ونهر. وفيه نظر يأتي قريبا. قوله: (لأنه خالفهما) علة لوقوعه عنه وللضمان: أي لان كل واحد إنما أمره أن يخلص النفقة له، وقد صرفها لحج نفسه لأنه لا يمكنه إيقاعه عن أحدهما لعدم الأولوية. قوله: (وينبغي صحة التعيين لو أطلق) أي كما لو قال لبيك بحجة وسكت.
قال الزيلعي: وإن أطلق، بأن سكت عن ذكر المحجوج عنه معينا ومبهما، قال في الكافي:
لا نص فيه، وينبغي أن يصح التعيين هنا إجماعا لعدم المخالفة اه. وقوله وينبغي أن يصح التعيين