أقول: ومقتضى اعتبار الكفن بالنفقة أنه لو كان له ابن وبنت كان عليهما سوية كالنفقة، إذ لا يعتبر الميراث في النفقة الواجبة على الفرع لاصله، ولذا لو كان له ابن مسلم وابن كافر فهي عليهما، ومقتضاه أيضا أنه لو كان للميت أب وابن كفنه الابن دون الأب كما في النفقة على التفاصيل الآتية في بابها إن شاء الله تعالى.
تنبيه: لو كفنه الحاضر من ماله ليرجع على الغائب منهم بحصته فلا رجوع له إن أنفق بلا إذن القاضي. حاوي الزاهدي. واستنبط منه الخير الرملي أنه لو كفن الزوجة غير زوجها بلا إذنه ولا إذن القاضي فهو متبرع.
مطلب في كفن الزوجة على الزوج قوله: (واختلف في الزوج) أي في وجوب حفن زوجته عليه. قوله: (عند الثاني) أي أبي يوسف، وأما عند محمد فلا يلزمه لانقطاع الزوجية بالموت. وفي البحر عن المجتبى أنه لا رواية عن أبي حنيفة، لكن ذكر في شرح المنية عن شرح السراجية لمصنفها أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف. قوله: (وإن تركت مالا الخ) اعلم أنه اختلفت العبارات في تحرير قول أبي يوسف: ففي الخانية والخلاصة والظهيرية: أنه يلزمه كفنها وإن تركت مالا، وعليه الفتوى. وفي المحيط والتجنيس والواقعات وشرح المجمع لمصنفه: إذا لم يكن لها مال فكفنها على الزوج، وعليه الفتوى. وفي شرح المجمع لمصنفه: إذا ماتت ولا مال لها فعلى الزوج المسر اه. ومثله في الاحكام عن المبتغى بزيادة: وعليه الفتوى ومقتضاه أنه لو معسرا لا يلزمه اتفاقا. وفي الاحكام أيضا عن العيون: كفنها في مالها إن كان، وإلا فعلى الزوج، ولو معسرا ففي بيت المال اه.
والذي اختاره في البحر لزومه عليه موسرا أو لا، لها مال أو لا، لأنه ككسوتها وهي واجبة عليها مطلقا. قال: وصححه في نفقات الولوالجية اه.
قلت: وعبارتها إذا ماتت المرأة ولا مال لها، قال أبو يوسف: يجبر الزوج على كفنها، والأصل فيه أن من يجبر على نفقته في حياته يجبر عليها بعد موته، وقال محمد: لا يجبر الزوج، والصحيح الأول اه فليتأمل.
تنبيه: قال في الحلية: ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع يمنع الوجوب عليه حالة الموت من نشوزها أو صغرها ونحو ذلك اه. وهو وجيه لأنه إذا اعتبر لزوم الكفن بلزوم النفقة سقط بما يسقطها.
ثم اعلم أن الواجب عليه تكفيها وتجهيزها الشرعيان من كفن السنة أو الكفاية وحنوط وأجرة غسل وحمل ودفن، دون ما ابتدع في زماننا من مهللين وقراء ومغنين وطعام ثلاثة أيام ونحو ذلك، ومن فعل ذلك بدون رضا بقية الورثة البالغين يضمنه في ماله. قوله: (فإن لم يكن بيت المال معمورا) أي بأن لم يكن فيه شئ أو منتظما أي مستقيما بأن كان عامرا ولا يصرف مصارفه ط. قوله: (فعلى المسلمين) أي العالمين به وهو فرض كفاية يأثم بتركه جميع من علم به ط. قوله: (فإن لم يقدروا)