تكون هي الأفضل، كما لو فصله كل ركعتين أو أربع بتسليمة عند الكل.
وملخصه أن كون الثمانية أفضل مبني على القول بأنها أكثرها لعدم ثبوت الزيادة، وحينئذ فلا يخفى عليك ما في كلام الشارح حيث مشى على أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة وجعل أوسطها أفضل.
على أنا لو قلنا إن الثمان هي الأكثر، فتقييد أفضليتها على الاثنتي عشرة بما إذا صلى الاثنتي عشر بتسليمة واحدة لتقع نفلا مطلقا لا يوافق قواعد مذهبنا، بل تقع عما نوى على قواعدنا، كما لو صلى الظهر ست ركعات مثلا وقعد على رأس الرابعة، فإن الركعتين الزائدتين لا تغير ما قبلها عن صفة الفرضية، لصحة البناء على تحريمة الفرض والنفل عندنا، ونية العدد لا تضر ولا تنفع، فإذا صلى الضحى أكثر من ثمان يقع الزائد نفلا مطلقا، لا الكل بلا فرق بين وصلها وفصلها، نعم في وصلها كراهة الزيادة على أربع بتسليمة واحدة الضحى، فلا يظهر حينئذ كون الثمان أفضل. وقد أجاب بعض الشافعية بأن أفضلية الثمان للاتباع: أي لأنها ثابتة بالأحاديث الصحيحة، فيترجح فيها الاتباع للشارع، بخلاف الزيادة لضعف حديثها، لكن يرد عليه أن صلاة الأكثر متضمنة للأوسط الذي فيه الاتباع إلا أن يبنى أيضا على القول بأن الثمان هي الأكثر. وعلى أنه لو صلاها أكثر بتسليمة تقع نفلا مطلقا، لا عما نوى، أو يقال: معناه أن كل شفع من الثمان أفضل من كل شفع من الزائد لا بالنظر إلى المجموع، فهذا غاية ما تحرر لي هنا، والله أعلم.
مطلب في ركعتي السفر قوله: (ركعتا السفر والقدوم منه) عن مقطم بن المقدام قال: قال رسول الله (ص): ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا رواه الطبراني. وعن كعب بن مالك كان رسول الله (ص) لا يقدم من السفر إلا نهارا في الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه رواه مسلم شرح المنية. ومفاده اختصاص صلاة ركعتي السفر بالبيت، وركعتي القدوم منه بالمسجد، وبه صرح الشافعية.
مطلب في صلاة الليل قوله: (وصلاة الليل) أقول: هي أفضل من صلاة النهار كما في الجوهرة ونور الايضاح، وقد صرحت الآيات والأحاديث بفضلها والحث عليها. قال في البحر: فمنها ما في صحيح مسلم مرفوعا أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وروى الطبراني مرفوعا لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة، وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل وهذا يفيد أن هذه السنة تحصل بالتنفل بعد صلاة العشاء قبل النوم ا ه.
قلت: قد صرح بذلك في الحلية، ثم قال فيها بعد كلام ثم: غير خاف أن صلاة الليل المحثوث عليها هي التهجد. وقد ذكر القاضي حسين من الشافعية أنه في الاصطلاح التطوع بعد النوم، وأيد بما في معجم الطبراني من حديث الحجاج بن عمرو رضي الله عنه قال: بحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد، إنما التهجد المرء يصلي الصلاة بعد رقدة غير أن في سنده ابن لهيعة وفيه مقال، لكن الظاهر رجحان حديث الطبراني الأول لأنه تشريع قولي من الشارع (ص) بخلاف هذا، وبه ينتفي ما عن أحمد من قوله: قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ا ه ملخصا.