أي تعيين أحد آمريه قبل الطواف والوقوف كما في مسألة الابهام، وقوله إجماعا قال شيخنا: ينبغي أن يجري فيه خلاف أبي يوسف الآتي في مسألة الابهام لجريان علته هنا أيضا ح. قوله: (ولو أبهمه) بأن قال لبيك بحجة عن أحد آمري ح. قوله: (قبل الطواف) المراد به طواف القدوم كما قال أبو حنيفة، فيما لو جمع بين إحرامين لحجتين ثم شرع في طواف القدوم ارتفضت إحداهما.
فإن قلت: ذكر الوقوف مستدرك. قلت: يمكن أن لا يطوف للقدوم فيكون الوقوف حينئذ هو المعتبر اه. ح. قوله: (جاز) أي عندهما. وقال أبو يوسف: بل وقع ذلك عن نفسه بلا توقف وضمن نفقتهما وهو القياس، لان كل واحد منهما أمره بتعين الحج له، فإذا لم يعين فقد خالف. وجه قولهما وهو الاستحسان أن هذا إبهام في الاحرام، والإحرم ليس بمقصود، وإنما هو وسيلة إلى الافعال، والمبهم يصلح وسيلة بواسطة التعيين فاكتفى به شرطا. ح عن الزيلعي.
قلت: والحاصل أن صور الابهام أربعة: أن يهل بحجة عنهما وهي مسألة المتن، أو عن أحدهما على الابهام، أو يهل بحجة ويطلق، والرابعة أن يحرم عن أحدهما معينا بلا تعيين لما أحرم به من حج أو عمرة، ولم يذكر الشارح الرابعة لجوازها بلا خلاف كما في الفتح.
وقد ذكر في الفتح أن مبنى الجواب في هذه الصور على أنه إذا وقع المأمور لا يتحول بعد ذلك إلى الآمر، وأنه بعد ما صرف نفقة الآمر إلى نفسه ذاهبا إلى الوجه الذي أخذ النفقة له، لا ينصرف الاحرام إلى نفسه إلا إذا تحققت المخالفة أو عجز شرعا عن التعيين.
ففي الصورة الأولى من الصور الأربع: تحققت المخالفة والعجز عن التعيين، ولا ترد مسألة الأبوين الآتية لأنها بدون الآمر كما يأتي، فلا تتحقق المخالفة في ترك التعيين، ويمكنه التعيين في الانتهاء لان حقيقته جعل الثواب، ولذا لو أمره أبواه بالحج كان الحكم كما في الأجنبيين.
وفي الصورة الثانية من الأربع: لم تتحقق المخالفة بمجرد الاحرام قبل الشروع في الأعمال، ولا يمكن صرف الحجة له لأنه أخرجها عن نفسه بجعلها لاحد الآمرين فلا تنصرف إليه إلا إذا وجد تحقق المخالفة أو العجز عن التعيين ولم يتحقق ذلك لأنه يمكنه التعيين إلا إذا شرع في الأعمال ولو شوطا، لان الأعمال لا تقع لغير معين فتقع عنه ثم لا يمكنه تحويلها إلى غيره، وإنما له تحويل الثواب فقط، ولولا النص لم يتحول الثواب أيضا.
وفي الصورة الثالثة: لا خفاء أنه ليس فيها مخالفة لاحد الآمرين ولا تعذر التعيين ولا تقع عن نفسه لما قدمناه.
وأما الرابعة: فأظهر الكل. اه ما في الفتح ملخصا. وأنت خبير بأن ما قرره في الصورة الثانية صريح في أنه إذا شرع في الأعمال قبل تعيين أحد الآمرين وقعت الحجة عن نفسه لتحقق المخالفة والعجز عن التعيين، وكذا تقع عن نفسه بالأولى في الصورة الأولى. والظاهر أنها تجزئه عن حجة الاسلام لأنها تصح بالتعيين وبالاطلاق، بخلاف ما لو نوى بها النفل والمأمور إن كان صرفها عن نفسه بجعلها للآمرين أو لأحدهما، لكن لما تحققت المخالفة بطل ذلك الصرف وإلا لم تقع عن نفسه أصلا، فيكون حينئذ كما لو أحرم عن نفسه ابتداء ولم ينو النفل فتقع عن حجة الاسلام، ولذا قال في الفتح أيضا فيما لو أمره بالحج فقرن معه عمرة لنفسه: لا يجوز ويضمن اتفاقا. ثم قال: ولا